الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأسرية @ 2ـ دور الأسرة التربوي في بناء أخلاق الشباب وضبط سلوكهم


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 4618
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

لا شك أن التربية في مرحلة الطفولة ضرورية لإرساء قواعد الأخلاق والقيم بصفة عامة، وتعويد الصغار عليها، يقول أرسطو: "إذا كان من اللازم… ليصير المرء فاضلاً يوماً ما: أن تكون قد أحسنت تربيته في البداية، وأن يكون قد اعتاد عادات حساناً"، فالشباب من الجنسين يتأثرون بالمعايير الخلقية التي تلقوها في الطفولة، ويميلون إلى الالتزام بها، ويشعرون بالحرج إذا خالفوها، إلا أن هذه المعايير الخلقية لا يمكن أن تكون كافية تماماً لإعدادهم للقيام بالمهام المطلوبة منهم في السنوات اللاحقة؛ لأن من بدهيات مفاهيم التربية: أنها عملية مستمرة دائمة، مرتبطة بالفرد الإنساني عبر حياته كلها، لا تختص بمرحلة دون أخرى، فكما أن التربية التي لم تبدأ منذ الطفولة لا تتحقق أهدافها بصورة جيدة، فكذلك التربية التي لا امتداد لها في مرحلة الشباب لن تحقق –هي الأخرى- أهدافها بصورة حسنة.

ولقد أصبحت سنوات طفولة الإنسان المعاصر أطول من ذي قبل، فقد تصل في بعض المجتمعات إلى الثلاثين أو أكثر، يحيا فيها الشاب معتمداً على أسرته، بسبب تعقيد الحياة الصناعية، وزيادة طرائق المجتمع ووسائله في مواجهة مطالب الحياة، مما يزيد من مهام الأسرة وأعبائها، ويؤكد دورها في مرحلة الشباب، وأهميتها في ترسيخ المفاهيم الخلقية الصحيحة لدى النشء، وتهيئة الأجواء الأسرية التربوية لممارستها وتنميتها بصورة أعمق وأوسع، وعدم الاكتفاء بالتلقين السابق في مرحلة الطفولة، أو الاعتماد على دور المدرسة، فإن "الأسرة وحدها… هي المدرسة التي تكون الخلق الكامل"، مما يؤكد دور الأسرة التربوي، رغم الهجمة الشرسة  التي تواجه نظام الأسرة، من خلال مؤتمرات دولية تسعى إلى تقويض بنائها، وتحطيم كيانها.

ولقد أكد كثير من الدراسات: أن غالب الجانحين يأتون من بيوت مفككة، وأن هناك علاقة واضحة بين الوضع العائلي المضطرب وجنوح الأحداث، فالشباب لا يتكلفون من تلقاء أنفسهم الأزمات والمشكلات، إنما يعكسون بسلوكهم تأثير البيئة الاجتماعية من حولهم، فليست مرحلة البلوغ بالضرورة مرحلة عواصف واضطرابات نفسية، فليس هناك علاقة بين البلوغ والانحراف، إنما تنشأ العلاقة بينهما عندما تفقد البيئة دورها التربوي، فتهيء للبالغين المندفعين أسباب الانحراف، ومن هنا كان دور الأسرة مهماً؛ إذ تُشكِّل عنصراً أساساً وفعَّالاً في ضبط سلوك الشباب وتوجيههم.

وقد تأكد لدى العقلاء: "أن جميع المشكلات الاجتماعية في هذا العصر، كالطلاق، وحمل المراهقات، والإدمان، وجرائم العنف في المدارس والشوارع، وإيذاء الزوجات والأطفال، والانتشار الرهيب للأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس، بما فيه الاتصال الجنسي غير المشروع بين البالغين والأطفال، كلها تنجم في الواقع عن انحلال الأسرة كوحدة اجتماعية يبنيها الوالدان الأب والأم"، ولن يصلح حال الذرية – مهما كانت الوسائل- بغير إصلاح دور الأسرة، وتمكينها من القيام بمهامها التربوية تجاه النشء الجديد، من الذكور والإناث.

وقد أدركت حكومة روسيا الشيوعية – في وقتها- أهمية دور الأسرة في الاستقرار العاطفي والوجداني للنشء فأعادت نظامها من جديد بعد أن كانت قد ألغته، وقيدت نظام الطلاق بعد أن كان الحصول عليه من أسهل ما يكون.