الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأخلاقية @ 15ـ أسباب وجود الفراغ وخطره
إن مشكلة الفراغ لدى كثير من الشباب اليوم تعود في حقيقتها إلى الفراغ الروحي، وخواء القلب من كمال الإيمان الذي يُشعر بالأنس والاطمئنان، وهي مشكلة ناتجة عن زيف الحضارة الجاهلية المنحرفة، -وبعبارة أخرى- فإن نشوء هذه المشكلة يرجع إلى: "انعدام الهدف من الحياة، وعن الفراغ الفكري الناشئ عن انعدام التصور الصحيح لهذه الحياة، وعدم معرفة سبب وجودنا فيها، ومهمتنا الموكولة إلينا في هذا الوجود، ومصيرنا ومصير الكون، والغاية من هذا التنظيم الرائع للكون، ومن هذا الإبداع العجيب الدقيق المحكم للإنسان ولسائر الأحياء والكائنات".
إن فقدان هذه المفاهيم، أو عدم تمثلها في واقع الحياة يفقد الإنسان معنى الحياة وقيمتها، وبالتالي يضعف عنده الشعور بالاهتمام بالوقت والمحافظة عليه، فيصبح شغله الشاغل "قتل الوقت" وإهداره بأي عمل يخلصه من طوله وملله، حتى وإن أدى ذلك إلى التخلص من الحياة بالكلية، أو الشرود عن الواقع بالمخدرات أو المسكرات.
وقد دلت نتائج بعض الدراسات النفسية في هذا المجال على "أنه كلما قلت القيم الصحيحة المتصلة بالوقت ونقصت الاهتمامات، وضعفت المهارات اللازمة لاستغلال أوقات الفراغ، ازدادت فرص اليأس والملل والاغتراب والأنانية والعنف والجريمة، والإدمان بين الشباب على وجه الخصوص".
وقد انتشر هذا الداء الخطير حتى في المجتمعات الأكثر محافظة، فقد دلت إحدى الدراسات التي أجريت على بعض الشباب في المنطقة الغربية بالمملكة العربية السعودية على أن نسبة كبيرة من الشباب لديهم أربع ساعات من الفراغ يومياً، وتزداد ساعات الفراغ لتصل إلى أكثر من سبع في الإجازات الرسمية وهذه الإحصاءات تثير الدهشة والاستغراب، وتدعو إلى الحذر وأخذ الحيطة من الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها هؤلاء الشباب المندفعون دون هدف أو تخطيط أو برمجة، فإن كثيراً من المشكلات يعود سبب وجودها في الغالب إلى هذا الفراغ القاتل، الذي يدفع الشخص دون تعقل أو روية للتخلص منه بأي طريقة، فإذا كان الشاب اليافع لا يجد من النشاطات والبرامج النافعة ما يملأ به فراغه، فكيف بالطفل الصغير الذي يتربى ضمن هذا الفراغ الطويل وهو أقل قدرة وأندر فرصة لإمكانية استثمار وقت الفراغ، والانتفاع به؛ لهذا فإنه لا بد للأب من أن يسعى لحماية أولاده من خطر الفراغ، ويحاول قدر المستطاع أن يشغلهم بما يعود عليهم بالفائدة والنفع.