الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأخلاقية @ 14ـ أهمية الوقت في التصور الإسلامي


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 1650
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

الوقت في حياة المسلم هو كل شيء هو رأس ماله الحقيقي الذي يحتاجه لدنياه وآخرته، فهو أثمن ما يملك على الإطلاق، لأن الوقت هو الوعاء لكل عمل يقوم به الإنسان، فكل الأعمال النافعة الصالحة التي يحتاجها الإنسان في الدنيا والآخرة تفتقر إلى الوقت؛ ذلك الوعاء الذي يكون محلاً لإيقاع العمل والإنتاج، ولولا الزمن والوقت لما كان هناك عمل، أو إنتاج.

لهذا يشير عليه الصلاة والسلام إلى أهميته ويحذر من إهماله، فيقول: (( إن الصحة والفراغ نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس )) أي: إن كثيراً من الناس قد خسرها، ولم يتمكن من استغلالها على الوجه الصحيح الذي تكون له ذخراً في الآخرة، لا غبناً عليه وحسرة.

وقد تفطن إلى هذه المعاني السلف الصالح من الصحابة والتابعين y أجمعين، حيث كانوا يحرصون على أوقاتهم حرص غيرهم على المال، فقد وصف الحسن البصري ~ٍٍِِ الصحابة مخاطباً التابعين في عصره، فيقول: "أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم"، ويُنقل عن ابن مسعود t ذمه للفارغين من العمل، فيقول: "إني لأبغض الرجل أراه فارغاً ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة".

وينصح ابن الجوزي ~ٍٍِِ، فيقول: "ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه، وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل"، وكان ~ٍٍِِ من شدة اهتمامه بالوقت يخصص وقت زيارة الأصدقاء له في حزم الدفاتر، وبري الأقلام، وغيرها من الأعمال التي لا تحتاج إلى استحضار القلب حتى لا يضيع شيء من وقته سدى.

ونختم بكلام الإمام ابن القيم في وصفه لأهمية الوقت إذ يقول:

"وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم…، وهو يمر أسرع من السحاب، فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوباً من حياته وإن عاش فيه عاش عيش البهائم، فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة… فموت هذا خير له من حياته".