الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأخلاقية @ 13ـ واجب الأمة المسلمة تجاه وسائل الإعلام المعاصرة


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 1925
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

إنَّ النهج السَّلبي في الكف فقط عن الاستسلام لوسائل الإعلام المنحرفة لا يُعفي الأمة المسلمة من أن تسعى جادة في بناء إعلامها من جديد، في كل فروعه وجزئياته: لخدمة العقيدة الإسلامية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي بالإنتاج المحلي، وإغناء الأمة عن تكفف الشّعوب الأخرى، مع ضرورة جعل وسائل الإعلام: مؤسسات للنفع العام، مثلها مثل المستشفى، والمدرسة، والمسجد، بعيداً عن هيمنة الاستغلاليين والجشعين، من أرباب رؤوس الأموال والشركات العالمية الكبرى، حتى يسلم لهذه الوسائل توجهها لخدمة الصالح العام بما تحمله في طبيعتها المزدوجة من الإيجابية القابلة للاستخدام النافع، فلا تضطر لاستخدام أساليب الإغراء والاحتيال لترويج برامجها حتى تدعم مدخولها المادي، أو تستسلم -تحت وطأة الحاجة- لضغوط القوى الاجتماعية المتنفذة والأحزاب السياسية المُتصارعة، بحيث تبقى حيادية التوجه موقوفة لخدمة المجتمع المسلم، ونشر الفكرة الإسلامية.

وليكن "بلاغ مكة" الذي أصدره ملوك ورؤساء الدول الإسلامية عام 1981م هو قاعدة الانطلاق للإصلاح الإعلامي، فقد جاء فيه: "نحنُ ملوكَ ورؤساءَ الدولِ الإسلامية نتعاهدُ على أن نأخذَ على أنفسنا العهدَ في إطار التبادل والخطط المشتركة على تطوير وسائل إعلامنا ومؤسساتهِ التزاماً بهدي الإسلام وتعاليمه، بما يكفُل لها أثراً فعاّلاً في إصلاح المجتمع، وبما يُسهم في نظام إعلامي عالمي يتصف بالعدلِ والنزاهةِ والأخلاق".

ومن هنا يمكن تلخيص واجب الأمة الإعلامي في النقاط التالية:

1-وسائل الإعلام بكل فصائلها -لاسيما المرئية منها- تحمل كمّاً هائلاً من الانحرافات العقدية والأخلاقية التي تتعارض بصورة صارخة مع أوضح وأسهل المفاهيم والمبادئ الإسلامية، مما يتطلب وقفة إسلامية عامّة تحدّ من هذه الانحرافات،وتكف هذا الزخم الإعلامي المُنحرف من التمادي في تذويب الشخصية المسلمة.

2-يحتلّ الإعلام المرئي بشاشته الصغيرة مكانة كبيرة بين وسائل الإعلام المختلفة، مما يجعل رسالته الإعلامية أمضى تأثيراً في المتلقين، وهذا يتطلب توجيه هذه الوسيلة الإعلامية الفعالة لخدمة الفكرة الإسلامية، ونشر الدعوة المحمدية.

3-تقف خلف وسائل الإعلام العالمية قوى متنفذة مُغرضة تتخذ من هذه الوسائل جسوراً للوصول إلى مآربها الاستعمارية للشعوب المستضعفة، مما يوجب على الأمة الإسلامية إعادة بناء وحدتها وجمع كلمتها والتنسيق فيما بينها للتصدي لهذه القوى الاستعمارية بما يحقق الاكتفاء الذاتي للشعوب الإسلامية من المادة العلمية والإعلامية الهادفة والبريئة.

4-أصبح الإعلام بوسائله المختلفة سلعة استهلاكية عامة، يستمتع بها غالب الناس، في وقت أصبح فيه الانعزال الثقافي أمراً يكاد يكون مستحيلاً ضمن مفهوم العولمة، وهذا الوضع يُوجب على الإعلام الإسلامي بكل فروعه استغلال هذه الإمكانيات التقنية المتفوقة في بث الفكرة الإسلامية في قوالب ثقافية مُشوقة، وأُطر علمية مُبدعة، تقابل بها قوى الشرّ والرذيلة المُسيطرة على المضمون الإعلامي المعاصر.

5-تتأثر الفتاة بالمضمون الأخلاقي للرسالة الإعلامية المُتلفزة أكثر من تأثر الفتى بها لاختلاف طبيعة السلوك الفطري بين الجنسين، وهذا يُوجب على التربويين والمُصلحين الإعلاميين مزيداً من الاهتمام بالبدائل الإعلامية الإيجابية الموجهة إلى الفتيات، لاسيما وأنَّ فرص تعرضهن للوسائل الإعلامية أكثر من الفرص المُتاحة للشباب لوفرة الوقت عندهن.

6-مناشدة وزارات الإعلام في الدول الإسلامية لإعادة النظر في مضامين إعلامها، ولاسيما الإعلام المُتلفز، وحثّها على التجديد والإبداع، ونبذِ التقليد والمُحاكاة، ضمن أُطرِ العقيدة والأخلاق والمبادئ الإسلامية.

7-مراجعةُ توصيات المؤتمرات العربية والإسلامية الخاصة بالإعلام، والأخذ بها، وتفعيل التواصل الإعلامي بين الدول الإسلامية بما يحقّق إخراج رسالة إعلامية إنسانية إسلامية، يرتضيها ديننا، ويتقبَّلها كلُّ عاقلٍ منصف.

8-تحريرُ وسائلِ الإعلامِ -ولاسيما المرئية منها- من سيطرة القوى الرأسمالية والسياسية؛ بحيث تصبح المؤسسات الإعلامية للنفع العام، لا تخضع لقوى السوق المُتنفذة، ولا للأحزاب المُتصارعة وإنما هي وقف لخدمة الصالح العام، تستقي ميزانياتها من بنودِ ميزانية الدولة، مثل المسجد، والمستشفى، والمدرسة.