الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأخلاقية @ 11ـ واقع الانحرافات الخُلقية في الإعلام المرئي المعاصر
استغلّ أعداء الخير والفضيلة الوضع الحضاري المختل بين الشرق والغرب، فسيطروا على مؤسسات الإنتاج الإعلامي المحلي والتدريب، وما إن حلَّ نظام البث المباشر الحديث حتى أحكموا خططهم لاستغلاله في أنشطة التنصير، بهدف تشكيك "المسلمين في دينهم وحضارتهم ورجالاتهم بغية الوصول إلى تسخيرهم لمآرب عدوهم وغاياته"، فعاد الاستعمار الغربي من جديد إلى المنطقة الإسلامية بقوة أمضى من السلاح العسكري والعتاد، يشدُّ الشخصية الإسلامية إليه، ويروضها للقبول بمبادئه الثقافية؛ لتحقيق مصالحه الاقتصادية، وأهدافه الاستراتيجية حتى أصبح الإنتاج الغربي عموماً، والأمريكي خصوصاً -الذي يملك 90% من وسائل الإعلام- المادة الإعلامية الأولى في المنطقة العربية، والخليجية على الخصوص، وتسلل من خلال هذه المواد الفكر اليهودي الذي يسيطر منذ زمن على المؤسسات الإعلامية الأمريكية، ليحقِّق من خلال هذه الوسائل مقصوده من البروتوكولات التدميرية التي وضعها للاستيلاء على العالم ومقدراته.
وقد نجح الأعداء إلى حدّ كبير في اختراق الهوية الثقافية العربية، وزعزعتها عند كثير من أبنائها، مستغلين تفوقهم المادي، حيث تعقد أمام المشاهد العربي البائس: المقارنة الظالمة بين حضارتين غير متكافئتين، في الوقت الذي اتفقت فيه دول العالم على احترام الذاتية الثقافية لكل دولة، والاعتراف بالحقوق المتساوية لكل الأمم صغيرها وكبيرها ممّا دفع بعض الدُّول النامية للاحتجاج ضدّ هذا الغزو الثقافي والفكري الذي تمارسه الحضارة الغربية لباقي الشعوب.
إنَّ مما ينبغي أن تدركه الشعوب الإسلامية بعد علمها بقوى الشر التي تقف خلف وسائل الإعلام، والتلفزيون بصورة خاصة: أن هذه الوسائل تسعى من خلال حبكة الرسالة الإعلامية إلى التأثير على العقلية الإنسانية: بحيث تصل إلى درجة الاستسلام، فيتقبل المشاهد الإيحاءات المتنوعة التي تُعرض عليه دون تمحيص؛ ليتكون من خلال تراكمها: رأي عامٌ موحدّ في قضية معينة بحيث يُقدر نجاح الرسالة الإعلامية بقدر مدّة جذبها لانتباه المشاهدين، وانغماسهم في موضوعاتها، باعتبارهم سوقاً استهلاكياً للمواد الرخيصة، دون الالتفات إلى المضمون التافه أو المنحرف الذي يمكن أن تحمله هذه الرسائل إلى المشاهدين، ما دامت تدر على شركات الإعلام ومؤسساته ربحاً اقتصادياً وافراً، فيصبح أبطال الشاشة من الممثلين، والموسيقيين، ومن وراءهم من الفنيين، والشّعراء، والمصورين، ونحوهم: قدوة المجتمع التي تسيطر على عقلية الجمهور عامة، والشَّباب خاصّة: إلى درجة الهستريا، فيتحكمون في سلوكهم واختيارهم للملابس، وأساليب التأنق وتصفيف الشَّعر، في الوقت الذي يبحث فيه الشباب في هذه السن عن القدوة، والمَثل الأعلى في المجتمع، وقد صدق عليهم رأي دكتاتور الشيوعية "جوزيف ستالين" حين يقول: "الفنانون والأدباء مهندسو البشرية".