الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأخلاقية @ 9ـ مميزات أجهزة الإعلام المرئية وأساليب استخدامها


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 4203
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

تختلف وسائل الإعلام من حيث تأثيرها على الأفراد في المجتمع، إلا أن التلفزيون أبلغ هذه الوسائل على الإطلاق، وأعظمها أثراً في المستقبلين؛ لكونه يشمل في بنائه التقني بين الصوت والصورة الملوَّنة المتحركة، التي تضاعف من أثر فاعلية الجهاز إلى خمسة أضعاف أثر الصوت وحده، ففي الوقت الذي كانت فيه الأمية تحول دون وصول الأفكار المنحرفة والخليعة إلى الأميين: جاء التلفزيون ومن قبله بقليل المذياع ليتساوى -في التأثير الإعلامي، ووصول الرسالة المطلوبة- الشخص القارئ وغير القارئ؛ مما يجعل رسالته الإعلامية أسهل، وأقرب للاستيعاب والإدراك عند جميع طبقات الناس.

وما إن أُنشئت محطات التلفزيون في النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي في البلاد العربية: حتى أصبح هذا الجهاز بسحره ضرورة عصرية مُلحة، لا يمكن لكثير من الناس تصوُّر الحياة بدونه وأصبح عند بعض الفتيات الوسيلة الأولى لقضاء وقت الفراغ حيث يقضين أكثر من عشر ساعات أسبوعياً أمام الجهاز، وأكثر من عشرين ساعة في فترات أشهر الإجازات المدرسية، وقد يصل شغف بعضهن به إلى درجة الإدمان دون انقطاع.

ولا يقتصر المشاهدون على ما تبثه محطات التلفزيون الرسمية: بل يستخدمون إلى جانب ذلك أشرطة الفيديو بصورة واسعة، حتى إنَّ عددها قد يصل في بعض دول الخليج إلى أكثر من ضعفي عدد السكان، ثم انضمَّ مؤخراً إلى كل هذا الزخم الإعلامي: البث التلفزيوني المباشر عن طريق الفضائيات وعبر شبكات الانترنت، بحيث ضعفت الرقابة الإعلامية، وقلَّت القدرة على انتقاء المواد المناسبة، وطالت فترة الإرسال دون انقطاع، حتى كأن العالم أصبح اليوم قرية واحدة، يؤثر بعضه في بعض فلا يستطيع أحد -أياً كان- أن ينزوي ليعيش في أمان بعيداً عن هذه التأثيرات، كما كان يفعل الإنسان في الماضي حتى أخذ بعضهم -في ظل هذه المتغيرات الثقافية الجديدة- "يُبشر بولادة الإنسان العالمي ومواطن الانترنت، المندرج في مجتمع كوني واحد، متحرر من انتماءاته اللغوية والقومية والثقافية والدِّينية والجغرافية"، ومن المعلوم أن: "الضمير الإنساني في القرن العشرين لم يعد يتكون في إطار الوطن أو الإقليم… إنما يتكون على ضوء الحوادث العالمية التي لا يستطيع أن يتخلص من تَبِعاتها، فإنَّ مصير أي جماعة إنسانية يتحدد جزء منه خارج حدودها الجغرافية… فالثقافة أصبحت تتحدد أخلاقياً وتاريخياً داخل تخطيط عالمي"، ولا شك أن دخول العالم في القرن الواحد والعشرين مصطحبا معه وسائل التقنية الحديثة المتطورة فتح المجتمعات بعضها على بعض، على اختلاف أصولها وثقافاتها؛ لتنصهر جميعاً في بوتقة واحدة، وضمن ثقافة عالمية واحدة، تجتمع فيها كل المتناقضات والخلفيات الإنسانية في قوالب بشرية من شكل واحد.