الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأخلاقية @ 2ـ أهمية المصدر الرباني للأخلاق
إن مهمة التربية تصبح سهلة إذا وجدت معياراً صادقاً للقيم والأخلاق، إلا أن الإنسان عاجز بقدراته المحدودة أن يضع لنفسه أو لغيره هذا المعيار الصادق الثابت الذي يمكن أن يفرَّق به بين الخير والشر، والحق والباطل، ومن هنا فإنه "لا يمكن الحصول على معرفة أخلاقية موثوق فيها دون اللجوء إلى المصدر السلطوي المناسب"، الذي يملك حق إصدار القيم، وحق الإلزام بها وهذان الحقَّان لا يملكهما إلا من يملك الحياة بأسرها،ويملك الإنسان بأهوائه، وهو الله جل جلاله.
إن صدور القيم الخلقية عن الذات الإلهية عبر الوحي الرباني: تمثل - في حدِّ ذاتها- عند الإنسان الذي من طبعه التفلُّت من الالتزام: قناعة كافية لدفعه نحو التطبيق إذا لم يصاحب هذه القيم الخيِّرة إلزام من صاحب السلطة -جل شأنه- تجاه الجميع لتنفيذ الأوامر في جميع الأحوال، بحيث يصبح العصيان أمراً ممقوتاً مستهجناً، ويكون الإنسان البالغ العاقل، الحر في إرادته واختياره: ملزماً بالتحلي بالأخلاق الفاضلة، وتجنب الأخلاق الساقطة، على سبيل الإلزام لا على سبيل التخيير، بمعنى أن يكون علم الأخلاق هو علم الواجبات الملزمة، فالمسلم المكلف -على سبيل المثال- مُلزم بالصدق، ومنهيٌ عن الكذب؛ لأن الأول لا بد أن يَلتزم، والثاني لا بد أن يجتنب، بحيث يترقى الفرد تدريجياً، وبالمران والاعتياد؛ لتصبح هذه الأخلاق الفاضلة جزءاً من كيانه، تصدر عنه من غير تكلُّف، وعندها فقط يُسمى الخلق خلقاً.
ومن هنا فإن الأخلاق الإسلامية تحمل مفهوماً واسعاً شاملاً ينظم ويسوس جميع علاقات الإنسان، في كل جوانب حياته، وذلك بناء على المبادئ والقواعد التي حددها الوحي المنزل، بهدف تحقيق الغاية من وجود الإنسان في هذه الحياة؛ بحيث تمثل التربية الأخلاقية الجانب العملي التطبيقي لمفهوم الأخلاق في التصور الإسلامي.