الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأسرية للفتاة @ 17ـ استخدام الأسرة العقوبة التأديبية لضبط سلوك الفتاة


معلومات
تاريخ الإضافة: 20/8/1427
عدد القراء: 2672
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

من وسائل تنمية الأخلاق الأسرية استخدام أسلوب التأديب بمعناه الشامل، فقد أقر الإسلام مبدأ العقوبة النفسية، والبدنية، واعترف المربون المسلمون بالعقوبة كأسلوب من أساليب التربية، وضابط للسلوك، ووضعوا لها شروطاً، وضوابط لإيقاعها عند الحاجة.

وعقوبة الولي العاقل للفتاة البالغة بإحدى نوعي العقوبة، ونحوهما عند الحاجة: أمر مشروع، فقد أباح الله تعالى ضرب الرجل امرأته للتأديب حينما يضطر إلى ذلك، وجاء عن رسول الله r أنه أمر بتعليق السوط في البيت، وأوصى معاذاً t بتأديب العيال، فقال عليه الصلاة والسلام:(…. أنفق على عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدباً، وأخفهم في الله), وكان عليه الصلاة والسلام إذا رأى ما يكره: غضب ، واشتد في وعظه، وربما دخل أبو بكر على ابنته عائشة رضي الله عنهما فأوجعها، وكل هذه أساليب تأديبية وعقابية.

وتأديب الأبناء ضرورة لاستقرار نفوسهم، حيث يحتاجون في مرحلة الشباب إلى من يضبط سلوكهم، كما كانوا يحتاجونه في سنوات الطفولة، والفتيات أحوج للأدب، فما زال كثير من المجتمعات تراعي ذلك فيهن أكثر من مراعاته في الذكور، حتى إن بعض القبائل الإفريقية لتؤكد هذه الحاجة التربوية: بإعطاء الفتاة عند البلوغ شراباً سحرياً، يزعمون أنه يساعدها على الأخذ بالأخلاق الحسنة، وطاعة أوليائها.

ومن الضروري أن يراعي المربون الاعتدال في العقوبة عند الحاجة إليها، فإن "التجارب القاسية الشديدة يمكن أن تحدث صدمة نفسية تؤدي إلى اضطرابات العمليات النفسية"، فقد يكون سوء معاملة الأب لابنته وسيلة من وسائل الانحراف الخلقي، كما أن التساهل في ضبط سلوك الفتاة قد يسوقها إلى الاستهانة بالأسرة، والتفريط في الالتزام بواجباتها، فتقع - من جهة أخرى - في الانحرافات الخلقية، وقد اتضح من خلال التجارب أن أسلوب الاعتدال في معاملة الفتيات، بين السماحة والتَّشدُّد هو الأسلوب الأرجح لضبط سلوكهن، دون توتر شديد يُخلُّ بتوازنهن النفسي.

والأبوان لا بد أن يدركا أن الصفات المشتركة بين الناس كثيرة، إلا أن هناك ما يؤكد أن كل إنسان وحيد من نوعه، فمنهم من جُبل على سرعة القبول والانصياع، ومنهم البطيء في ذلك، إلا أنه لا ينفك أحد -في الجملة- عن التأثر وإن قلَّ، فالتربية مهما بلغت من الإتقان فلن تجعله إنساناً آخر، إنما تستخدم طاقته المتاحة، وإرادته، وتكوينه الفطري: لتكوين شخصيته الخاصة به، وفي هذا يقول نُمير بن أوس موضحاً هذا المعنى: "الصلاح من الله، والأدب من الآباء"، فالوسائل التربوية المختلفة يتخذها الآباء والمربون، أما النتائج فإنها إلى القدر المحتوم في غيب الله تعالى.