الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأسرية للفتاة @ 12ـ إحسان الفتاة إلى الإخوة والأخوات


معلومات
تاريخ الإضافة: 20/8/1427
عدد القراء: 2384
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

من حكمة تشريع المحرمات من النساء في النكاح: دفع أسباب المنافسة بين الذكور والإناث من الإخوة والأخوات، وما تسببه هذه المنافسة من المزاحمة بينهم، وما تؤدي إليه من قطيعة الأرحام، فحرّم الإسلام علاقة النكاح بين الإخوة والأخوات، حتى من الرضاعة؛ لتحصل بهذا التحريم علاقات إجتماعية جديدة، مبرَّأة من كل غرض شهواني، تحمل طابعاً ملؤُهُ العطاء، والمحبة الصادقة الخالصة.

ولعل داء الحسد هو أكثر المفاسد حصولاً بين الإخوة والأخوات، حيث التنافس على عطاء الوالدين من المأكولات، والملبوسات، والخروج والدخول، والإسلام قد منع منه، وحذر من تعاطيه، والاسترسال معه، فقال عليه الصلاة والسلام:(لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا إخواناً كما أمركم الله), وقال أيضاً فيما رُوي عنه:(إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، أو قال العشب".

والحسد داء عضال، لا يكاد ينفك عنه أحد، فإذا شعرت به الفتاة في نفسها فإن الواجب عليها أن لا تتكلم ولا تعمل شيئاً ضد المحسود، فتخرج بذلك عن  المؤاخذة، فلا يلحقها شيء من الإثم، وعليها أن تتجنب الاحتكاك الكثير والدائم بالإخوة والأخوات، فإن هذا قد يثير التحاسد والتقاطع، فقد رُوي عن عمر بن الخطاب t أنه قال لأبنائه مرة: "إذا أصبحتم فتبدَّدوا، ولا تجتمعوا في دار واحدة، فإني أخاف عليكم أن تقاطعوا، ويكون بينكم شر".

وواجب الفتاة تجاه إخوتها الكبار من الذكور والإناث: الاحترام والتقدير، والطاعة في المعروف، وخدمتهم قدر استطاعتها، مع التلَّطف في معاملتهم، ومما يُروى في أسلوب الملاطفة والاحترام بين الأخوات ما روته السيدة عائشة في خبر دينها من أختها الكبرى أسماء رضي الله عنهما حيث قال: "كانت لأسماء عليَّ دين، فكنت أستحي منها كلما نظرت إليها، فكنت أدعو بذلك، فما لبثت إلا يسيراً حتى جاءني الله بفائدة رزق من غير صدقة، ولا ميراث فقضيتها"، فرغم ما كان بينهما من المحبة، والألفة، ورفع الكلفة، إلا أن الاحترام والتقدير كان قائماً بينهما.

ومما يُروى في ملاطفة الذكور للإناث، واحترامهن، ومعرفة مكانتهن ما رواه ابن أبي شيبة في مصنَّفه أن: "خالد بن الوليد استشار أخته في شيء فأشارت، فقبَّل رأسها"، فلم يجد هذا الفارس الشجاع، والقائد الفذ غضاضة في تقبيل رأس أخته اعترافاً بمكانتها، وتقديراً لرأيها.

وأما واجب الفتاة تجاه إخوتها وأخواتها الصِّغار: فالعطف والرعاية، والقيام عليهم قيام الوالدة الحنون؛ لكونهم أطفالاً صغاراً أحوج ما يكونون إلى الرعاية، وأرغب في الملاطفة والعطف.

وفي العموم فإن واجبها الإحسان بكل صورة، حسب استطاعتها، مع تجنب كل خلق وسلوك يؤدي إلى إثارة البغضاء وجو التنافس بينها وبين إخوتها من الذكور والإناث، وليكن مبدؤها الإيثار، فتقدم الكبار على نفسها، وتؤثر الصغار رحمة بهم وعطفاً، فإنها إن فعلت ذلك كانت محبوبة بينهم، ومقدمة عندهم على غيرها ممن لا ينهج طريقتها.