الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأسرية للفتاة @ 10ـ تدرج الفتاة المنضبط نحو الاستقلال الشخصي


معلومات
تاريخ الإضافة: 20/8/1427
عدد القراء: 2425
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

من معالم مرحلة الشباب: الرغبة في الاستقلال الشخصي، والفطام الأبوي، حيث تنتقل الفتاة من مركزها الاجتماعي كطفلة إلى مراهقة، ثم إلى شابة بالغة، وفي كل مرحلة تتطور علاقتها بوالديها حسب نمط السلوك المرتبط بمركزها.

وهذا التوجه الاستقلالي غريزة في الإنسان، تدفعه نحو الاعتماد على نفسه، وتحمل المسؤولية، وهو مقدمة لنجاح الجيل الجديد في الميادين الاجتماعية، والناشيء في توجهه هذا يجد نفسه غير قادر على مجاراة الكبار وتقليدهم، مما قد يفرز نزاعات ومشاجرات بين جيل الكبار وجيل الصغار، ولعل الفجوة بين الأجيال في هذا العصر أصبحت في غاية الوضوح والاتساع، لا سيما في المجتمعات المحافظة، حيث يشعر الجيل الصاعد بالأنفة من ارتباطه بمرحلة الطفولة، التي اتسمت في حسِّه بالضعف والتبعية العائلية، فلما دخل عالم الشباب شعر بالقوة، وخلَّف وراءه الضعف؛ لهذا كثيراً ما ينطلق الشباب في هذه المرحلة نحو إثبات وجودهم بأساليب خاطئة: كالتمرد على الوالدين، وعناد المربين، والسخرية بالآخرين.

وعلى الرغم من أن حدَّة هذا التوجه تكون أبلغ عند الذكور، فقد يصاحب توجه الفتاة نحو النضج الاجتماعي، والاستقلال الشخصي شيء من هذا التمرد والعنف، حتى تتمكن من التخلص من العواطف التي تعيق توجهها نحو اكتمال النضج الشخصي، فيظهر عليها شيء من الاتجاهات الانفعالية المتناقضة، وشيء من الصراع بين رغبتها النفسية في الاستقلال، وبين واجبها الخلقي تجاه الوالدين، وقد يظهر هذا التوجه الاستقلالي مبكراً عند بعض الفتيات قبل البلوغ، وذلك في حالة ضعف شخصية الوالدين، وعدم قدرتهما على السيطرة الكافية على سلوكهن.

إن الاتجاه نحو الاستقلال الشخصي في حد ذاته طبيعي وإيجابي، وله فوائده النفسية والاجتماعية للفتاة، حيث يزيد من قدرتها على الإنجاز، واعتمادها على نفسها، والتأهُّل للقيام بأدوار الراشدين الكبار، والتهيؤ للمشاركة الاجتماعية بصورة أكبر، وبناء الأسرة ومواجهة الحياة بقدرة كافية؛ ولهذا سُمِّيت الفتاة البالغة "عاتقاً" لأنها بالبلوغ تنفك عن الطفولة، وتتأهل للتزويج: فتعتق بالتالي من سلطة أبويها، إلا أن على الفتاة أن تدرك أن هذا التوجه الاستقلالي لابد أن يتم بصورة متدرجة لا يصاحبها عنف، فإن إزعاج الوالدين بالتمرد عليهما من  العقوق الذي حذَّر الله تعالى منه، كما أن حصول الاستقلال الكامل والسريع في هذا العصر الذي تعقدت فيه الحياة الاجتماعية والاقتصادية: متعذرٌ لتأخر سن الزواج، فمن حق الوالدين شرعاً أن تنضم الفتاة إليهما، وتبقى تحت سلطتهما ما دامت بكراً لم تتزوج، لاسيما إذا كانت شابة، أو خشي عليها الوالدان الفساد.

ومن هنا فإن سرعة الاستقلال الكامل للفتاة عن سلطة الوالدين في هذا العصر، وتحت هذه الظروف الاجتماعية والاقتصادية: في غاية الصعوبة، فلابد من أن تتهيأ الفتاة لقبول طول فترة إشراف الوالدين حتى يتم لها الزواج، خاصة أن كثيراً من الآباء يقلقون لتوجه أبنائهم نحو الاستقلال، ويرغبون في بقائهم أطفالاً تحت رعايتهم وإشرافهم، فلابد أن تراعي الفتاة ذلك عند توجهها نحو الاستقلال الشخصي مراعية في ذلك حق الوالدين.