الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الاجتماعية للفتاة @ 18ـ المرأة السعودية والتغيير الاجتماعي


معلومات
تاريخ الإضافة: 20/8/1427
عدد القراء: 2903
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، ورسول رب العالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد ..

فإنه في خضم الصراعات الفكرية والسياسية والاجتماعية تحتل قضايا المرأة، وما يتعلق بشؤونها مساحة إعلامية واجتماعية كبيرة، ولاسيما بعد قيام جمع من المؤتمرات العالمية الخاصة بها، مما دفع كثيراً من الدول لإثارة قضاياها، إضافة إلى الضغوط العالمية، وبخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي أفرزت وضعاً عالمياً شاذاً، سمح للغربيين، ولاسيما للولايات المتحدة الأمريكية بالتدخل بصورة سافرة في شؤون الدول الإسلامية، مطالبة بالتطوير والتعديل والتغيير الموافق للوجهة الغربية.

ولقد واجهت المملكة العربية السعودية جزءاً ضخماً من هذه الضغوط الدولية الرامية إلى التغيير الاجتماعي، إضافة إلى ظهور فئات من الشباب المتطرف المتهور الناقم على التسلط الغربي ونفوذه، مما دفع المسؤولين لعقد جمع من الحوارات الوطنية للمناظرة والمناقشة، وتبادل الرأي حول المستجدات الجديدة، وتقديم المقترحات الرامية لتحقيق وحدة البلاد، وحل الأزمات. 

إن وضع المرأة المسلمة، وخصوصياتها الاجتماعية، وأحكامها الشرعية الخاصة بها، كل ذلك يقف حجر عثرة في وجه التغيير الاجتماعي الذي يهدف إلى قلب نظام الحياة الاجتماعية الإسلامية، وتغيير وجهتها الدينية.

ومازال وضع المرأة  المسلمة محور خطط التغيير الاجتماعي الرامية إلى الانسلاخ الجزئي أو الكلي من هذا الدين، وبتغيير وضع المرأة يتغير المجتمع، ولهذا يقف الفضلاء في المجتمع السعودي من خطط التطوير، ومقترحات التغيير موقف المتوجس الحذر، مما قد يجرُّ إلى ما هو أبعد من المخاطر الأخلاقية والسلوكية، التي كان يمكن ردها، أو التخفيف منها، أو تأخيرها - على الأقل- بوقفة ممانعة سداً للذريعة.

إن الواقع العالمي في ظل مفهوم العولمة الاقتصادية والسياسية يضغط على أمتنا الإسلامية، ولاسيما على بلاد الحرمين - حرسها الله - لتغيير وجهتها الإسلامية، فهل من المنطق الشرعي والعقلي أن يُواجه هذا الضغط العالمي بالتراخي والترخُّص، أم أن المنطق الشرعي يُلزمنا بالعزائم ورفع الهمم ؟.

ولا يعني هذا أن لا نستخدم الحكمة في مواجهة الضغوط العالمية، بما يضمن تحقيق أكبر قدر ممكن من المصلحة، ودفع أكبر قدر ممكن من المفسدة، ولكن لا يصح أن تُفهم الحكمة على أنها التنازل عن الثوابت الشرعية.

إن المرأة السعودية مدعوة اليوم بكل صدق إلى النظر والتأمل في المجتمعات العربية والإسلامية والأجنبية من حولها، ثم لترجع إلى نفسها بالسؤال : أي هذه المجتمعات ترجو أن يكون مجتمعها السعودي على صورته ؟ وهل يمكن لها - في ظل التغيير المنشود– أن تحافظ على إنجازاتها الكبرى, ونجاحاتها التي تحققت ولله الحمد في كثير من الميادين العلمية والعملية الخاصة بالمرأة السعودية.

إن الواقع يشهد أن  فرص التغيير التي ينشدها بعضهم لن تخرج - في الجملة - عن هذه النماذج الاجتماعية من حولنا، وأنى لنا بكل ضعفنا، وقلَّة خبرتنا أن ننفرد بنموذج جديد مبتكر يوافق قيمنا، إلا أن يكون في قضايا جزئية يفرضها المجتمع لحسِّه الإسلامي كالفصل بين الجنسين في التعليم ونحو ذلك، وإلا فإن الناظر فيما تعرضه وسائل الإعلام في مجتمعنا حينما لم يكن للمجتمع دوره في الاختيار والضغط ليهوله حجم المخالفات الشرعية، والتجاوزات الأخلاقية، التي تُذاع وتُعرض، مخالفة بذلك وجهة المؤسسة الدينية في البلاد.