الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الإيمانية @ 21ـ الإيمان بالملائكة يساعد على ضبط سلوك المكلفين
ليس من شيء في هذا الكون إلا وقد وكَّل الله سبحانه به ملكاً، بدءاً من الأجرام العظيمة من الكواكب والنجوم، ومروراً بما يجري على الأرض من الرياح والسحاب، وانتهاءً بقطرات المطر، وحبات الرمل، كل ذلك ضمن تكاليف الملائكة عليهم السلام، ومسؤولياتهم.
والإنسان إنما هو من أفراد هذا الكون وعناصره؛ فقد وكَّل الله به ملائكة كراماً يقومون على عمله، ويكتبون عليه القول والفعل وحتى النية، كما قال الله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ* كِرَامًا كَاتِبِينَ* يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الإنفطار:10-12]، فهم رَصَدٌ لسلوك الإنسان، لا تخفى عليهم حركاته وسكناته، كما قال U : {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ*مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:17-18].
إن استشعار هذه المراقبة الغيبية المحكمة: تسوق الإنسان إلى ضبط سلوكه بما يوافق النهج الحق، ولاسيما إذا أدرك الإنسان أن الملائكة تبغض وتلعن العصاة والكفرة؛ فهو يتجنب سلوكهم ويسعى إلى النمط الصحيح من السلوك السوي، فيكون إيمانه بالملائكة -المراقبين له- دافعاً له إلى الاستقامة والانضباط، ومثيراً للحياء من الوقوع في الخطأ.
ويبعُدُ عن الحقيقة من يظن أن الإنسان يمكن أن ينضبط سلوكه بغير إثارة الرقابة الغيبية عليه، كما يقول جورج سنتيانا: "إن المشكلة الكبرى التي ينبغي على الفلسفة إيجاد حل لها، هي وسيلة تحمل الناس على التمسك بالفضيلة بغير إثارة آمال الغيب ومخاوفه في نفوسهم"، فهذا التصور -في الحقيقة- أبعد ما يكون عن فهم وإدراك طبيعة السلوك الإنساني، والمؤثرات الفعَّالة فيه؛ إذ يصعب على المكلف أن يلتزم بالسلوك الفاضل دون ضابط من رقابة توجِّهه، وتقوِّم سلوكه، فجعل الله تعالى -بحكمته- من الإيمان بمراقبة الملائكة للإنسان: وسيلة رادعة لسلوكه المنحرف، ووسيلة مشجِّعة ومدعِّمة لسلوكه السوي.