الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الإيمانية @ 12ـ تأثر سلوك المسلم بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا
من آثار الإيمان بالله تعالى: تحقيق مقتضيات أسمائه I وصفاته في السلوك، بعد التحقق من معرفتها، فإن المطلوب من المكلف أن يؤمن بها عموماً على أنها صفات للرب U على الحقيقة، وأنه سبحانه لا يُشابه أحداً من خلقه، ولا يُشبهه منهم أحد، فليس بين صفات الخالق والمخلوق إلا تشابه الأسماء، ويكون ذلك بلا تحريف، أو تعطيل، أو تمثيل، فإذا حصل للمكلف هذا الإيمان: طُولب بتمثُّل هذه الصفات والأسماء في حياته الواقعية -بما يناسب الطبيعة البشرية- فيتحلى بها، ويلتزم بمقتضياتها، حتى يصبح ربانياً ورفيقاً وشبيهاً بالملأ الأعلى من الملائكة الكرام، وفي هذا المعنى يقول الإمام العز بن عبد السلام ناصحاً المسلم: "… فانظر إلى أسمائه الحسنى، وتخلق من كل اسم منها بمقتضاه على حسب الإمكان… وينبغي أن تقابل كل صفة من أوصافه بأفضل ما يلاقيها من المعاملات، فنقابل جلاله بأفضل المهابات؛ إذ لا جلال كجلاله، ونقابل جماله بأفضل المحبَّات؛ إذ لا جمال كجماله، وكذلك التخلق بسائر الصفات".
ومثال ذلك أيضاً أن يكون حظُّ المسلم من اسم "الرحيم" : السعي في رحمة الخلق، وعونهم على الحياة وأعبائها، وكشف فاقتهم حسب استطاعته، ويكون نصيبه من اسم "المؤمن" "أن يأمَنَ الخلق كلهم جانبه؛ بل يرجو كل خائف الاعتضاد به، ودفع الهلاك عن نفسه في دينه ودنياه".
وهكذا تُفهم أسماء الله وصفاته على هذا النحو من الإيمان بها على حقيقتها، ثم التمثل بها في واقع الحياة، في صورة سلوك رباني النهج، مع اليقين بأن كلَّ كمال في الخلْق إنما هو من فيض كماله I المطلق، وتفضله وصنعه، فليس للعبد فضل في شيء من ذلك.