الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الإيمانية @ 3ـ أنواع التوحيد الثلاثة من الوجهة التربوية
وينتظم نهج الإيمان بالله تعالى من خلال أنواع التوحيد الثلاثة، التي عليها مدار هذا الركن الأساس، فتوحيد الربوبية هو الإقرار لله تعالى بالملك، وأنه رب كل شيء وخالقه ورازقه، وأنه النافع الضار، المحيي المميت وهذا النوع من التوحيد أقرت به الأمم، إلا أنه لا يكفي وحده للنجاة عند الله تعالى دون نوعي التوحيد الآخرين.
وقد أشار I إلى هذا النوع من التوحيد الفطري في قوله: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ….} [الروم:30] وهو التوحيد الذي أخذه الله على خلقه في عالم الذَّر، وأشهدهم عليه، كما قال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ….} [الأعراف:172] فخلقهم I على فطرة الإسلام، وأودع في نفوسهم غريزة الإيمان، ولم تذهب فئة من الخلق إلى نقض هذا النوع من التوحيد إلا بعض أراذل من البشر في القديم والحديث، من الدهريين والشيوعيين، "بل القلوب مفطورة على الإقرار به أعظم من كونها مفطورة على الإقرار بغيره من الموجودات".
ويظهر هذا النوع من التوحيد في سلوك الشباب مع بداية البلوغ في صورة يقظة دينية، تتضمن مراجعة المعتقدات، ومحاولة فهم الإيمان بالله بصورة أكثر معنوية.
وأما توحيد الأسماء والصفات فهو الإقرار بأن لله الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه الحي القيوم، وأنه صاحب المشيئة الكاملة، والحكمة البالغة، وأنه سميع بصير، رؤوف رحيم، إلى غيرها من الأسماء والصفات الثابتة بالنصوص الصحيحة، على أن يكون الإيمان بها كما جاءت عن الله تعالى وعلى لسان رسوله r، دون تشبيه الله تعالى بأحد من خلقه، أو تعطيل صفاته بنفي أو تأويل، مع عدم محاولة التكهن أو التطلع إلى معرفة الكيفيات التي عليها حقيقة صفات الرب I .
وهذا النوع من التوحيد أيضاً لا يكفي للنجاة عند الله تعالى حتى يضم إليه توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية ليكمل بذلك إيمان الإنسان.
وأما النوع الثالث فهو توحيد الإلهية، وهو التوحيد المطلوب من الخلق تجاه الخالق جلَّ وعلا، وهو توحيد العبادة، ويتضمن في معناه أنواع التوحيد الأخرى، حيث يترقى العبد من توحيد الربوبية إلى توحيد الإلهية، الذي مداره على صدق التألُّه لله تعالى، بكمال المحبة، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والدعاء، مع تمام الإخلاص في الإرادة له I دون ما سواه من الخلائق مهما كانت شريفة، مع القيام بالواجبات، وترك المحظورات.
وهذا التوحيد هو مدار دعوة الرسل عليهم السلام، وهو عقيدة آدم u، فإنه كان أول البشر وأول الأنبياء، ولا قيمة للإنسان بغير هذا التوحيد، ولا مكان له في كرامة الله تعالى يوم القيامة إذا لم يأت به خالصاً كاملاً.
ومما تقدم تظهر أهمية هذا الركن، وتشعبه في كل جوانب العقيدة، وأنه I هو الأول، الذي تُستلهم من وحيه كل التصورات والمعتقدات، وأن الإخلال بهذا الركن، هو إخلال بكل الأركان الأخرى.