الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الاجتماعية للفتاة @ 9ـ حجاب المرأة السعودية إلى أين؟


معلومات
تاريخ الإضافة: 20/8/1427
عدد القراء: 3215
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد …

يمثِّل الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة خاصية فريدة تميز صاحبة العقيدة والخلق عن غيرها، فله دوره المميَّز، وفعاليته الواقعية الملموسة في حياة المرأة بصورة خاصة، وفي واقع الحياة الاجتماعية بصورة عامة.

ويستند وجوب حجاب المرأة المسلمة إلى نص الكتاب الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين؛ بحيث يكفر من ينكر وجوبه، أو يستهزئ به، وتفسق من تنزعه من النساء ولو أقرت بوجوبه، فليس الحجاب تراثاً أو تقليداً أو عادة اجتماعية قابلة للتغيير أو التطوير، وإنما هو فريضة محكمة ألزم الله تعالى بها النساء حين يجتمعن مع الرجال الأجانب.

ومنذ أكثر من مائة عام من الآن وجمعٌ من نصارى العرب يحاولون إقناع المرأة المسلمة بنزع حجابها، والتنكر لأخلاقها وآدابها الاجتماعية، والناظر في بعض ما كان يُنشر في تلك الفترة يجد هذا التوجه الهجومي نحو الحجاب - بصورة خاصة - واضحاً في كثير من المقالات والكتابات التي كانت تنشر آنذاك مستهدفة المرأة المسلمة في أخلاقها، وسلوكها، ولباسها، حتى تتوَّجت بكتابات قاسم أمين المدعومة في ظاهرها بالنص الشرعي، والفتوى الفقهية، والاستدلال بالواقع الغربي، وقد رافق ظهوره دعم ثقافي من دعاة التغريب في ذلك الوقت، ولاسيما من نصارى العرب، ثم أعقب ذلك توجه سياسي من بعض القادة والزعماء يدعم هذه الوجهة، تتوَّج في نهاية الأمر بسفور المرأة عن وجهها كأقصى ما يمكن أن ينجزه المبطلون في حربهم للحجاب في ذلك الوقت، ثم لم يلبث الأمر طويلاً لأكثر من أربعة أو خمسة عقود حتى كشفت كثير من النساء عما أجمع المسلمون على وجوب تغطيته من الشعور والنحور والسيقان والأفخاذ، ووصل الحال بالمرأة المسلمة الحرة أن تبرز على المسرح أمام الرجال : ممثلة أو مغنية أو راقصة بكامل زينتها، وقد نزعت عنها غالب ملابسها إلا ما يستر السوأتين، وللقارئ أن يعلم أن غطاء وجه المرأة كان سائداً بين المسلمات حتى العقد الثالث من القرن العشرين فضلاً عما يجب تغطيته مما أجمع عليه الفقهاء.

ومن المعلوم في الطبائع الاجتماعية أن الانحرافات الأخلاقية تبدأ يسيرة، وربما في مسألة خلافية مثل كشف المرأة عن وجهها أمام الرجال الأجانب، ولكنها بالتدرج تنتهي وبسرعة إلى ما لا قبل للمجتمع به من الانحرافات الكبرى التي يصعب معها الإصلاح؛ ولهذا جاءت الشريعة بمراعاة الاحتياط، والأخذ بالأحوط، وسد الذرائع رغبة في دفع ما يُتوقع من المفاسد الكبرى.

وعلى الرغم من المخاطر والانحرافات الكبيرة التي أحدثتها دعوة قاسم أمين في بداية القرن العشرين فقد جند النصارى أقلامهم، وتبعهم في ذلك من في قلبه مرض من المسلمين والمغفَّلين لدعم دعوته حتى أثنى عليه الشعراء، ونسبه بعضهم إلى مجموع المجددين الذين يبعثهم الله على رأس كل مائة عام، ليجددوا أمر الدين، وقد قال جرجي زيدان في تخليد ذكراه : "إن قاسم أمين من المصلحين العظام الذين يحفظ التاريخ ذكرهم ".

لقد استوعب أعداء الإسلام الدرس، وأدركوا بيقين أن الحجاب - بصورة خاصة من بين كثير من أحكام الإسلام - أكبر عقبة اجتماعية تقف أمام تحقيق أهدافهم في تغيير نمط الحياة الاجتماعية الإسلامية، وليس ذلك لكون الحجاب مجرد ملاءة تستر به المرأة جسمها، فإن الأخلاق لا يرسمها الخيَّاط، ولا تحدد معالمها الأقمشة، ولكن لكون الحجاب موقف عقدي من المرأة قبل كل شيء، يُعبِّر عن ارتباط روحي عميق في نفسها، يحثها على التستر والتحفظ، وهذا المعنى في الحجاب يتعارض بصورة صارخة مع أهداف وغايات أعداء الفضيلة والأخلاق من الكفار والمنافقين، المتربصين بالأمة الإسلامية، ويتعارض أيضاً مع الفطرة الإنسانية السوية، فالتستر سلوك بشري فطري في النوع الإنساني بصورة عامة، وفي إناثهم بصورة خاصة، فالتستر عندهن أبلغ وأشد، فأهل الباطل يواجهون في حربهم للحجاب النص الشرعي المحكم، والفطرة الإنسانية السوية، ولئن استطاعوا العبث بالفطرة السوية عند بعض النساء فأني لهم أن ينقضوا النص الشرعي المحكم المحفوظ؟.

وتأتي المرأة السعودية في أعقاب الزمن لتخوض تجربة المرأة العربية في كثير من الأمصار الأخرى مع الحجاب، ولكن بعد نحو قرن من الزمان، قد مُلئ بالتجارب والمواقف والصراعات، التي يمكن أن تثري ثقافة المرأة السعودية، وتنضج فهمها، وهي مقبلة على مرحلة جديدة من التغيير الاجتماعي الشامل الرامي إلى التجديد في كل جوانب الحياة، لتعيش التغيير الذي يحتاج إلى مائة عام : في عشرة أعوام فقط، ضمن ظروف ثقافية واقتصادية وسياسية مضطربة، انفتح فيها العالم بعضه على بعض،  وانعدمت فيه الخصوصية الثقافية إلى حد ينبئ بظهور المواطن العالمي الذي يحيا بكل الثقافات، وينطبع بكل المفاهيم والتصورات.

إن المسلم المعاصر ليتعجب كيف تأقلمت المرأة المسلمة مع النموذج الغربي، وعاشت بلا حجاب في كثير من البلاد، فإذا أرادت الصلاة : خمَّرت رأسها وصلَّت؛ لكونها تعلم أن انكشاف عورتها في أثناء الصلاة يُبطل صلاتها، ولكنها نست أو تناست أن انكشاف عورتها في الحياة العامة أمام الرجال الأجانب يبطل أخلاقها.

لقد استقر في الشريعة وعند العقلاء : أن سلوك الإنسان الظاهر يؤثر في باطنه، وأن ما وقع في باطنه لابد أن ينعكس على سلوكه، فالرابطة وثيقة ومتبادلة بين ظاهر الإنسان وباطنه؛ لذا فإن تبرج المرأة بخروجها عن آداب الحجاب الشرعي : لابد أن يلحق عقلها وفكرها، فيشوه باطنها، ويدنس روحها، وأقل ما يصيبها أن يُذلَّ كبرياؤها فتصبح مملوكة للتأنق والتصنُّع، وهي لا تخرج عن آداب الحجاب الشرعي إلا وقد تغيَّر فهمها للفضائل، وتغيَّرت بالتالي فضائلها، ولهذا لُوحظ في إحدى الدراسات العربية الفرق في التزام القيم والمبادئ بين الفتيات المحجبات والمتبرجات، حين فاق المتحجبات غيرهن في الالتزام الخلقي والآداب العامة، ومن المعلوم من سلوك الإنسان : أن الجرأة على بعض الأحكام الشرعية بتعدي حدودها يسوق إلى مزيد من الجرأة على غيرها.

إن مما ينبغي أن تدركه المرأة المسلمة عموماً والمرأة السعودية على الخصوص أن تقيدها بالحجاب الشرعي يحقق لها على الأقل فائدتين، الأولى : انسجامها مع المطلب الشرعي حين أطاعت ربها، والثانية : أن التزامها بالحجاب صورة من صور التحرر من نموذج المرأة الغربية، التي فرضت نفسها على نساء العالم، ولا تزال المجتمعات الإسلامية - في العموم - تفضل وتحترم المرأة المحجبة، حيث يفضلها الرجل للزواج، وتفضلها الزميلة للصداقة، وذلك على الرغم من الحملات المسعورة لتشويه المحجبات، وإضعاف مصداقية الحجاب ودوره الإيجابي في حياة المرأة المسلمة.

ولئن رافق نزع الحجاب في بعض المجتمعات العربية شيء من العنف والتظاهر والمغالبة : فإن نزع الحجاب في البيئة السعودية يتخذ طابع التدرج والمهادنة والموادعة، حيث يتخذ جمع من النساء مسألة الخلاف في جواز كشف الوجه ذريعة للتبرج والسفور عن المساحيق الملونة، مع كشف شيء من الشعر والأطراف وإبداء الزينة، إضافة إلى ارتداء العباءآت الشفافة والمزخرفة، التي لا تكاد تستر شيئاً من الملابس الفاتنة أو الفاضحة التي يرتديها بعض الفتيات في الحياة العامة.

ولم يعد غريباً أن تُشاهد صور بعض النساء السعوديات على الشاشة وعلى المجلات والجرائد كاشفات عن وجوههن وربما عن شعورهن، وقد دوَّت أصوات كثير منهن عبر موجات الأثير في مقالات ومقابلات تنم عن مسارعة نحو الانفلات الاجتماعي في بيئة محافظة يفتي علماؤها بالمنع من كل هذا.

ولقد تتوجَّت صور الانفلات الاجتماعي في المجتمع السعودي بظهور جمع من النساء السعوديات حاسرات عن وجوههن ورؤوسهن أمام الرجال الأجانب من المسلمين ومن غيرهم في إحدى المنتديات الاقتصادية العالمية، مما دفع مفتي البلاد لاستنكار مثل هذا الموقف القبيح، والحدث الخطير.

ولقد سبق هذه الأحداث مواقف كثيرة مستترة ومعلنة تتناقلها ألسنة المجتمع عن مواقف شاذة، وانحرافات سلوكية لبعض الأسر السعودية داخل البلاد وخارجها تدل على معارضة واضحة لوجهة البلاد الدينية، ولاسيما في سلوك بعض النساء، وأوضح ما يكون ذلك في استثقالهن للعباءة والخمار، فما أن تقلع الطائرة بإحداهن خارج البلاد حتى تتحول إلى شخص آخر، قد اختلفت الملابس والأخلاق.

إن خطورة التبرج لا تكمن في مجرد مخالفة بعض النساء للفتوى الرسمية لعلماء البلاد بقدر ما تكمن في مخالفة أصحاب القرار لهذه الفتوى حين يقرُّون ظهورهن متبرجات عبر وسائل الإعلام الرسمية المختلفة، مما يُوحي بالانتقائية للأحكام الشرعية، وهذا من شأنه إضعاف موقف المؤسسة الدينية في المجتمع، والتقليل من شأنها، وزعزعة مصداقية اختياراتها الفقهية عند العامة؛ ولهذا يُلاحظ عدم اكتراث الشباب المتهور المتطرف بإجماع علماء البلاد على تجريم أعمالهم التخريبية، ومايزالون ماضين في غيِّهم، غير عابئين بفتوى المفتين، ولا نداءات المصلحين.

إن مما ينبغي أن تدركه النساء أن سلوك التبرج الذي يمارسه بعضهن بإظهار الزينة المكنونة في الحياة العامة هو سلوك محرم شرعاً بالدرجة الأولى، وهو سلوك غير اجتماعي بالدرجة الثانية، وذلك حين تتعدى الفتاة بتبرجها حدود حريتها الشخصية إلى حريات الآخرين بإثارتهم وإزعاجهم، ومن المعلوم أن حرية الشخص تنتهي عند بداية حريات الآخرين؛ فإن من أعظم حقوق الرجال على النساء ألا يثرنهم بسلوكهن المقصود، فإن الغرض الأول من فرض الحجاب على النساء هو المحافظة على مشاعر الرجال من الإثارة والفتنة، فإن رؤية أجساد المُسْتحسنات من النساء تثير الرجال، وتحرك الغريزة فيهم، ومن المعلوم أن سمات الأنثى الجسدية من أكثر السمات جاذبية للرجل؛ ولهذا يُثار الرجل ويتأثر من جهة النظر أكثر بكثير من تأثر المرأة، ولعل هذا ما يبرر تفوُّق كثير من الذكور على الإناث في التأكيد على أهمية الحجاب والتستر، كما دلَّ على ذلك البحث الميداني، إضافة إلى أن الحجاب ليس من الأمور الشخصية التي يصح فيها الاختيار، بل هو من الأمور العامة التي تحقق مصلحة للجميع.

ومن هذا المنطلق الفطري في الفروق بين الجنسين جاءت الشريعة الإسلامية موافقة لهذه الطبيعة الفطرية فأمرت النساء في الحياة العامة بالحجاب، وإخفاء الزينة، ومُنعن الطيب، ولفت الأنظار بالمشْية، وأمرن بخفض الصوت، وعُذرن من الأذان والإقامة، والرمل في الطواف، وكل ما من شأنه إثارة للرجال، وحتى الميتة منهن تُستر فلا يرى الأجانب حجم عظامها، بل وحتى الوجه والكفين - رغم الخلاف الفقهي في جواز كشفهما أمام الأجانب - فقد أجمع العلماء على وجوب تغطيتهما عند خوف الفتنة وكثرة الفساق، ومن المعروف للجميع أن وجه المرأة هو أعظم مواضع جمالها، وأكثر ما يجذب نظر الرجال إليها؛ ولهذا لو قيل للخاطب : ترى ما تشاء من جسد مخطوبتك دون أن ترى وجهها لرفض، في حين يقبل برؤية وجهها دون باقي جسدها، مما يدل على مركزية وجه المرأة بالنسبة للرجل.

ثم إن المرأة قبل نزول آيات الحجاب، وفي زمن الجاهلية أيضاً كانت تغطي رأسها وجزءاً كبيراً من سائر بدنها، ولم يعرفن تبرج النساء في جاهلية هذا العصر؛ ولهذا لم يكن الأمر بتغطية الصدر خاصاً بالمرحلة المدنية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بناته بذلك؛ فقد روى الطبري في المعجم الكبير بسند رجاله ثقات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابنته زينب رضي الله عنها بمكة :(يا بنية خمري عليك نحرك), مما يدل على أن الأمر بالحجاب في المرحلة المدنية كان يحمل معنىً إضافياً أكثر من مجرد تغطية الصدر، ولهذا ذهب جمهور المفسرين إلى أن الجلباب تغطي به المرأة وجهها.

ولئن أصرَّت المرأة السعودية على أن تقلِّد بعض علماء الأمصار ممن يرون جواز كشف الوجه والكفين، معتقدة أن هذا هو حكم الله في حدود حجاب المرأة: فهذا شأنها، إلا أن تغطية سائر بدنها بما يستر عورتها، من الأقمشة والملابس الفضفاضة، التي لا تشفُّ عما تحتها : من المسائل التي لا خلاف فيها، فكشف الوجه والكفين قضية، وكشف باقي البدن قضية أخرى، فلا يستلزم جواز كشف الوجه والكفين : التبرج بالزينة، والمساحيق الملونة، ومخالطة الرجال، والظهور على صفحات المجلات، وشاشات التلفاز، فإن لم يكن ليخطر على بال أحد من العلماء السابقين ممن يقول بجواز كشف الوجه : أن يصل الحال بالمرأة المسلمة إلى أن تكون منظرة للرجال، وتحفة إعلامية تُنصب بين أيديهم فينظرون إليها بملء أعينهم،  إنما غالب اعتقادهم ما كان سائداً عندهم من خروج المرأة الكبيرة لحاجتها، أو راعية الغنم، أو المزارعة في حقل أهلها، فهؤلاء ومن في حكمهن قد يحتجن إلى الكشف عن وجوههن في غير تبرج وفتنة.

إن مما يدعو إلى إساءة الظن بمن يناقشون ويشجعون جواز كشف وجوه النساء في المجتمع السعودي كونهم يناقشون ويجادلون في مسألة فقهية تقبلها المجتمع وارتضاها، ووافق فيها الفتوى الرسمية الصادرة من علمائه، إضافة إلى أنها - على أقل تقدير - تُمَثِّل الأفضل والأحوط، وأنها - بالإجماع - مما ألزم الله تعالى به نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وحاشاه - سبحانه وتعالى - أن يلزمهن بما هو دون، أو بما يشينهن، فإذا كان الأمر كذلك فما الغرض من إثارة هذه القضية في المجتمع السعودي من الوجهة الفقهية ؟ وما هي المصلحة المرتقبة من كشف وجوه النساء السعوديات، فقد تعلمن، ووصلن إلى أعلى المراتب العلمية، وعملن في العديد من مؤسسات المجتمع ولاسيما التعليمية منها دون الحاجة إلى كشف وجوههن، بمعنى أن المرأة السعودية لم تضطر إلى الكشف عن وجهها للحصول على حقوقها، أفبعد أن تصل إلى حقوقها تكشف عن وجهها !!

لقد كانت حجة المغرضين في السابق الربط بين الحجاب والأمية في النساء، فلا يمكن للمرأة - حسب زعمهم - أن تتعلم وهي ساترة وجهها، فجاءت الوقائع التاريخية لتبطل حجتهم في جمع هائل من النساء المسلمات اللاتي تعلمن كأفضل ما يكون دون أن يكشفن عن وجوههن، بل إن جمعاً منهن تعلمن تعليماً عالياً دون أن يخرجن من بيوتهن، ثم جاءت التجربة السعودية في تعليم الفتاة تحت إشراف المشايخ والعلماء لتُجْهز بصورة كاملة على فكرة الربط بين الحجاب والأمية، في صور من النجاح - حسب ما هو متاح - يندر تكرارها في الدول الأخرى، رغم الضغوط الدولية، وضعف الإمكانات، وكون التجربة جديدة، تجمع بين الأصالة والمعاصرة.

والعجب أن بعض المتثقفات السعوديات، ممن تعلمن في هذه البلاد، وحصلن على الشهادات العالية فيها، أو تأهلن للدراسات العليا عن طريق هذه التجربة السعودية الفريدة، رغم ذلك يطعنَّ فيها، ويسمْنها بالتخلف والرجعية.

إن من القبيح الاعتقاد بأن إلزام المرأة بغطاء الوجه، وحثها عليه، وعدم إفتائها بغير ذلك : خطيئة اجتماعية تحتاج إلى توبة، في الوقت الذي لا يُدان فيه الكشف عما أجمع المسلمون على تغطيته من الشعور، والنحور، والسيقان ونحوها، بل قد يوجد من يتحمس لكشف وجوه النساء، معتبراً أن هذا من حقوقهن في الوقت الذي
لا يكترث فيه لقانون وضعي يبيح للفتاة في سن الرشد التصرف في بضعها مع من شاءت مادام أنها غير متزوجة !! وهذا مسلك تنبعث منه رائحة النفاق النتنة، التي لا يرتضيها المسلم الصادق.

والمسلم الغيور على دينه وأخلاقه، ليتساءل : هل ستنزع المرأة السعودية حجابها بالفعل، ويصبح وضعها كسائر البلاد الأخرى ؟  وهل يُتوقَّع أن يأتي يوم على بلاد الحرمين تدخل فيه المرأة المسلمة عند الكعبة لتطوف، وتأتي عند القبر الشريف في المدينة المنورة لتسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي كاشفة عن رأسها ؟ نسأل الله أن لا يكون ذلك؛ لهذا فإن من حق المسلم أن يتساءل : حجاب المرأة السعودية إلى أين ؟!