الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية العقلية للطفل @ 2ـ أهمية التلقين الفكري للطفل في المراحل المبكرة


معلومات
تاريخ الإضافة: 18/8/1427
عدد القراء: 4279
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

يميل الطفل في طفولته المتأخرة إلى تقبل الآراء والحقائق عن الكبار، وتكون لديه قابلية كبيرة للاستهواء والانقياد، كما أن قدرته على التفكير المجرد تكون جيدة، فيميل الى الاحتكاك بالكبار وأخذ القيم والمعايير عنهم، كما أنه في هذه السن يصبح قادراً على إدراك الخطأ والصواب؛ لهذا كان منهج التلقين المباشر لأساسيات الدين في هذه الفترة هاماً للغاية، إذ إن الولد لايفهم معظم تصرفات الكبار، فيكون تلقينه المفاهيم الصحيحة وسيلة جيدة في هذه الفترة، خاصة وأن الولد مستعد للتقبل والاقتناع.

ولا يعني هذا أن التلقين للمفاهيم الإسلامية لا يصلح إلا في الطفولة المتأخرة؛ بل إن التلقين في الطفولة المبكرة له أهميته أيضاً؛ فإن "التعليم الديني الذي يتلقاه الطفل في السنوات المبكرة يترك بصماته على عقليته في الطفولة المتأخرة حيث تتكون عنده مفاهيم تصبح أكثر وضوحاً مع تقدمه في السن، وبهذا يستطيع أن يفهم النظريات المجردة على نحو أفضل"، لهذا كان السلف رضوان الله عليهم يبدؤون في تلقين أولادهم أساسيات الدين منذ الطفولة المبكرة عند ابتداء نطقهم، فكانوا يعلمون الأولاد قول "لا إله إلا الله" سبع مرات لتكون أول شئ يقولونه، وكان رسول الله r يعلم الغلام من بني عبد المطلب إذا أفصح قول الله تعالى: {الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك} سبع مرات، وكان علي بن الحسين -رحمه الله- يعلمهم: [قل آمنت بالله وكفرت بالطاغوت]. وهذا العمل من رسول الله r، ومن السلف الصالح فيه دليل على أن الطفل يختزن هذه المعلومات في حافظته، وتتشرب بها نفسه بالتكرار. لهذا أجمع أئمة السلف على أن نطق الصبي بالشهادة قبل البلوغ كافٍ، فلا يحتاج إلى تجديد ذلك بعد البلوغ. ولو لم يكن هناك فائدة من وراء تلقين الصغير هذه القضايا لكان من العبث قيام السلف الصالح بها، وإضاعة الوقت والجهد.

ومن هنا تتضح أهمية تلقين الولد الصغير هذه الشهادة العظيمة؛ إذ يبدأ الأب بتلقينه "لا إله إلا الله" اقتداء بالسلف رضوان الله عليهم، ويلقنه معناها إذا كبر قليلاً وهو: "إني أعلم وأقر وأعترف وأعتقد بأن المعبود الحق الذي لا يستحق العبادة غيره هو الله تعالى، وأبين ذلك وأظهره بلساني وأفعالي وسلوكي". ولا بأس بتعليمه هذه الجمل حتى وإن لم يفهمها أو يعقلها، فإنه إذا كبر علم معناها وعقلها وكانت أدعى للتطبيق في حياته وسلوكه.

وإذا عقل الولد وبدأ يفهم بصورة أفضل يُلقن: أن الإسلام، هو دين الله الذي لا يقبل غيره، وأنه لا عز إلا بالإسلام، وأن ما أصاب الأمة من هزائم ونكبات ما كان ليحصل إلا بسبب تفريط المسلمين في التزام دينهم. كما يُلقن: أنه ما قام المسلمون بدعوة الله والتزام منهجه إلا كان الانتصار في النهاية للإسلام وأهله.

وعلى الأب أن يعلمه أيضاً أحكام الحلال والحرام، ويربطه بأحكام الدين والشريعة، فيفهمه أن هذا حرام، وهذا حلال، في كل قضية من القضايا التي تعرض له، ليستشعر الولد أنه محاط بشريعة وأحكام تنظم كل شؤون حياته. فبعد فترة من هذا المران والتكرار، يصبح عند الولد حاسية خاصة، يحب أن يعرف حكم الله في كل قضية، أو أمر يقوم به فيسأل عن الحكم في كل ما يراه ويسمعه. وهذا الإحساس هو حجر الزاوية الأساسي في استقامة الولد في المستقبل إن شاء الله.

ويضيف الأب إلى هذه القضايا التي يُلقنها للولد، قضية تلقينه وتعريفه بأعداء الإسلام، فيحاول أن يُعرفه بهم حتى لو كان ذلك بالأسماء، والشعارات فقط، وذلك لتختزن هذه المعلومات في حافظته، وتستقر في نفسه، كأن يقول له دائماً: "أعداء الإسلام من يؤذون المسلمين من اليهود، والنصارى، والمجوس، … وكل من هو على غير دين الإسلام". وفي بعض الأحيان يسأله: "من أعداء الله يا بني؟" فيجيبه الولد فوراً كما علمه الأب.