الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الجسمية للطفل @ 20ـ الألعاب والرياضات المباحة للطفل
20 - الألعاب والرياضات المباحة للطفل
الأب المسلم ملزم بأن يتقيد في جميع نشاطات وألعاب أولاده بما هو مشروع، ويتجنب ماهو محرم اتخاذه من الألعاب.
ولقد جاءت السنة المطهرة بأنواع من الألعاب الجائزة التي كانت تمارس على عهد رسول الله r. فمنها ما قام بممارسته شخصيا، ومنها ما أقره، وأجراه، ولم ينكره. وهذه كلها تدخل في باب اللعب المباح. ومن هذه الألعاب والرياضات المباحة التي وردت في السنة: اللعب والرقص بالحراب في الأعياد والمناسبات، فقد أقر رسول الله r هذا النوع من اللعب في مسجده،، وسمح للسيدة عائشة رضي الله عنها أن تستمتع بالنظر إليهم وهم يلعبون. وهذا النوع من اللعب فيه رجولة، وبطولة. فالحجل أوالرقص جائز إذا خلا من الميوعة والتخنث. وهذا النوع من اللعب يمكن أن يمارسه الأولاد الكبار، مراعين استبدال الحراب الحديدية بأعواد من الخشب الرقيق لضمان حمايتهم من احتمال الإصابة على الرأس، أو الجسم، بضربة مؤلمة. مع توجيه الأب لهم بتجنب الخشونة أثناء اللعب.
ومن الألعاب والرياضات المباحة أيضا، والتي يمكن أن يمارسها الأولاد الكبار - تحت إشراف الأب -: السباق على الأقدام، فهو جائز بالكتاب والسنة وإجماع الأمة فقد ثبت أن رسول الله r مارسه شخصيا أكثر من مرة، مع السيدة عائشة رضي الله عنها في بعض أسفاره. وقد تقدم ذكر الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مقدمة هذا المبحث، والمتضمن قيام الرسول r بصف أبناء العباس رضي الله عنهم ثم أمرهم وحثهم على التسابق إليه، فيستبقون ويقعون فيقبلهم. وهذا دليل واضح على جواز هذا النوع من النشاط، ووضع جوائز تشجيعية له لإثارة النشاط، وبث روح التنافس الشريف بين الأولاد. فيستحسن للأب أن يصطحب أولاده في نزهة، من وقت لآخر فيمارس معهم هذا النشاط الترفيهي السهل، الخالي من التكلف. ويعطي الفائز من الأولاد جائزة تشجيعية على ذلك.
أما رياضتا الرماية والسباحة، فقد تضمنهما الحديث الذي روي عن رسول الله r حيث قال فيه: ((حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرماية وأن لايرزقه إلا طيبا)). وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الرمي، منها ما رواه البخاري في صحيحه عندما شاهد رسول الله r نفرا من أسلم ينتضلون فقال لهم: ((ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا)). وفي هذا تحريض، وحث على تعلم الرمي، والتدرب عليه.
ويمكن للأب ممارسة هذه الرياضة الإسلامية مع أولاده عن طريق استخدام القوس والسهام، كما كان الحال على عهد رسول الله r، فقد أصبح هذا النوع من الرياضة معروفا اليوم، وله هواته ومحبوه.
كما يمكنه استخدام بندقية الصيد التي تعمل بضغط الهواء، فإن خطرها هين، سوى أنها تحتاج إلى قليل من العناية والانتباه تحت إشراف الأب. ويستحسن ممارسة هذا النوع من النشاط في الخلاء بعيدا عن المارة، أو على سطح المنزل مع اتخاذ أسباب السلامة اللازمة.
أما السباحة فهي نشاط رياضي حيوي مفيد للبدن، ومن حق الولد أن يتدرب عليها ليتعلمها، ويكون ذلك من خلال اصطحابه إلى أحد الشواطئ النقية الآمنة، أو من خلال المشاركة في أحد الأندية الرياضية المحافظة.
ويخصص الأب يوما في الأسبوع لممارسة هذه الرياضة الإسلامية العريقة. وإن توفر للأب إمكانية تأمين حوض للسباحة في فناء منزله، فعليه مراعاة أن يكون عمقه مناسبا، وحجمه مناسبا، وأن يأخذ بأسباب السلامة، وأهمها: إشرافه المباشر على نشاط الأولاد في الحوض، وأن يكون الحوض في مكان يمكن إغلاقه، فلا يفتح إلا بإذن الأب، مع مراعاة جوانب السلامة الأخرى المكملة لذلك من تأمين أطواق النجاة، وطهارة المياه ونظافتها من الآفات.
ولا بأس باللعب بالعرائس، والدمى المصنعة خصيصا للأطفال الصغار. فقد كان للسيدة عائشة في صغرها لعب من بينها فرس له جناحان تلهو به، وقد أقرها الرسول r على ذلك ولم ينكر عليها. فاستعمال هذه الدمى المجسمة كلعب للأطفال لا بأس به، ولكن يراعي الأب حسن اختيار نوع اللعبة لولده، فلا يكون اختياره لها عشوائيا، فما يصلح لعبة للبنت، لا ينفع دائما للولد.
ويميل الأطفال إلى اللعب بالأرجوحة، وهو من اللعب الجائز الذي كان على عهد رسول الله r، وقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تلعب بها مع صاحباتها قبل دخول النبي r بها، ويمكن للأب تأمين أرجوحة للأولاد، يضعها في فناء المنزل، أو على السطح، ويعطي أولاده فرصة للهو واللعب بها، فإن لم يتمكن من شرائها فإن من السهل تصنيعها من الخشب والحبال، فلا تكلفه إلا اليسير من المال.
ومن الألعاب المحببة للأولاد أيضا اللهو بالرمل، والشغف والولع به، فلا يكاد يرى الطفل - خاصة الصغير - شيئا من الرمل في مكان ما إلا وينطلق إليه لاهيا به دون ملل. وهو ولله الحمد من اللعب الجائز شرعا. وقد روي أن رسول الله r مر على صبيان يلعبون بالتراب فذهب بعض أصحاب النبي r ينهونهم عن ذلك، فقال: ((دعهم فإن التراب ربيع الصبيان)). وهذا الحديث وإن كان غير صحيح إلا أن معناه صحيح، لعظم شغف الصبيان بالتراب، وحبهم له، فهو كالربيع عندهم. والخلاف الوارد في موضوع التراب خلاف حول جواز أكله، وليس ثمة خلاف حول جواز لعب الصبيان به. فإعطاء الولد فرصة في بعض الأوقات ليلهو بالرمل يعد نشاطا جيدا، خاصة بالنسبة للأولاد الصغار. ومن أفضل أماكن اللعب بالتراب: شواطئ البحار حيث يقل الغبار، ويكون التراب نقيا لكثرة احتكاكه بالماء أثناء عمليتي المد والجزر. وخلط الرمل بالماء لطيف جدا ويحبه الأولاد.
وينبغي أن يتجنب الأب زجر الأولاد عند مبالغتهم في اللعب بالتراب أثناء النزهة على شاطئ البحر، أو الصحراء. وذلك لأن الوقت وقت ترفيه ولعب وليس وقت انضباط، وليس ثمة وقت ينطلق فيه الأولاد بلا قيود إلا في مثل هذه النزهات البريئة، فلا بد من التغافل عنهم بعض الشيء.
ومن النشاطات الجائزة أيضا، الرسم والتشكيل، حيث يجوز رسم الأشجار والأحجار، دون ذوات الأرواح. كما يدخل في ذلك استعمال التصوير الفوتوغرافي لمعالم الطبيعة وجمالها فهذا جائز بلا خوف. ومن المفيد أن يتعلم الولد ((عملية التحميض))، وكيفية استخراج الصور من الأفلام، فإنها عملية مشوقة ومسلية، وسهلة التعلم، ولا تحتاج إلى خبرة كبيرة.
وقد ازدهرت النشاطات الرياضية اليوم، واتسعت مجالاتها. وأدخلت إليها ألعاب وهوايات كثيرة، ومن هذه الألعاب: رياضة حمل الأثقال، وألعاب القوى الأخرى، وكرة القدم، واليد، والسلة، والطائرة، وكرة المضرب، وتنس الطاولة، وغيرها.
وهذه الألعاب في جملتها لا تتعارض في فكرتها مع التصور الإسلامي العام للألعاب والنشاطات الرياضية. إنما التعارض يحدث في قضايا فرعية لا علاقة لها بأساس اللعبة وفكرتها. مثل كشف العورة، والتعصب لفريق معين، والخصام والمشادة أثناء اللعب، وضعف الروح الرياضية.
وبإمكان الأب التغلب على هذه الأخطاء الفرعية، وتوفير بعض هذه الألعاب لأولاده ….، وإعطاؤهم الفرصة لممارستها معاً، أو مع بعض أقاربهم، أو أبناء الجيران فيمارسونها في فناء البيت، أو في النزهة. ولا بأس بالانضمام إلى فريق المدرسة الرياضي، أو إلى ناد من النوادي الرياضية، إذا تيقن الأب من صلاح القائمين على هذه النشاطات، وأن فائدتها المرجوة للولد أكبر من الضرر المتوقع منها.
وتأمين مثل هذه الألعاب في البيت لمن كان مستطيعا من الآباء يعد أفضل وأحسن، خاصة وأنها لا تكلف كثيرًا. فإن الفناء الذي يبلغ طوله عشرين إلى خمس وعشرين مترا، وعرضه عشرة إلى خمسة عشر مترا، يمكن أن يكون ملعبا جيدا لأكثر من لعبة. فكرة القدم، والسلة، واليد، والطائرة، وكرة المضرب، يمكن أن تمارس في هذه المساحة، كل لعبة في وقت من الأوقات، وذلك لأن شكل المستطيل هو شكل ملاعب هذه الرياضات، فأي مساحة مستطيلة مناسبة الحجم تصلح أن تكون ملعبا لإحدى هذه الألعاب، مع التحكم في عدد اللاعبين بالنسبة للمساحة.
أما بالنسبة لبعض الأجهزة الرياضية مثل أدوات ألعاب القوى فيمكن أن توضع في غرف الأولاد لصغر حجمها، علما بأن رياضة حمل الأثقال، ومعرفة من يمكنه رفع الأثقل وزنا جائزة.
وبهذا الأسلوب يستغل الأب طاقات الأولاد، وأوقات فراغهم بما يعود عليهم بالفائدة، إلى جانب إشباع نهمهم من ممارسة رياضاتهم المفضلة في جو طاهر بعيدًا عن التوترات، والمضايقات، والسباب، الذي يصاحب عادة أجواء بعض أندية الأحياء السكنية أو الأندية الرسمية.
ومن الرياضات الإسلامية المعروفة: رياضة ركوب الخيل، وهي رياضة مشهورة على المستوى العالمي في القديم والحديث، وتدريب الأولاد على ركوب الخيل يعتبر نشاطا رياضيا جيدا، حيث يمكن للأب تسجيل ولده في أحد الأندية المخصصة لهواة ركوب الخيل، فيصطحبه من وقت لآخر لممارسة هذه الهواية.
ولا ينبغي حصر رياضة الركوب والقيادة على الخيول فقط، بل يتعداها إلى كل ما يمكن أن يركب، ويقاد، ويتخذ أداة للصيد، أو الحرب، فالسيارات تدخل في هذا العموم أيضاً.
والأولاد يميلون ويرغبون في اكتشاف طريقة قيادة السيارات، ويتمنى أكثرهم قيادة السيارة، وتحريك عجلة القيادة. وليس ثمة محظور شرعي يتذرع به الأب لمنع تعليم ولده الكبير قيادة السيارة، وإشباع رغبته في هذا الجانب، وحمايته من احتمال إغراء بعض المنحرفين له بقيادة السيارة لينالوا منه مأرباً خبيثاً.
وربما أدى منع الولد من تجربة قيادة السيارة: إلى سرقتها على حين غفلة من الأب، وربما أدى ذلك إلى كارثة لا تحمد عقباها.
والأولى قيام الأب في بعض الأوقات بتعليم ولده قيادة السيارة من باب تعليمه ركوب الخيل، وإعطائه فرصة إشباع رغبته في ذلك، مراعيًا أن يخرج به للتعلم بعيدًا عن تجمعات الناس، وازدحام السيارات.
والمقصود هنا أن الألعاب الرياضية والهوايات المشروعة كثيرة لا تحصر، ويمكن الاستغناء بها عن الألعاب المحرمة أو المكروهة، فهذا من مسؤوليات الأب داخل أسرته ومكان سلطانه.