الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الجسمية للطفل @ 11ـ تعويد الطفل على الإعتدال في تناول كميات الطعام
11 - تعويد الطفل على الاعتدال في تناول كميات الطعام
لقد ذم الرسول r الإكثار من الطعام وبيَّن أن للمسلم مِعىً واحداً، وأن كثرة الأكل ليست من صفات المسلمين، فقال: ((المؤمن يأكل في مِعىً واحدٍ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء))، فالمؤمن مقتصد حريص على صحته، أما الكافر فهو شره نهم.
أما في حق الأطفال، فلا ينبغي لهم التعود على الإكثار من الطعام، فإن في ذلك أضراراً بسبب فضول الطعام في أبدانهم، والأصح أن يأكلوا دون الشبع؛ فالأكل الكثير يسبب البلادة، ولا يساعد على التفكير الصحيح، ويحبب إلى صاحبه النوم والكسل، وكثرة الطعام والشره تسبب السمنة وزيادة الوزن، فالسمنة إذا زادت عن الحد المعقول كانت بدانة تهدد صحة الطفل وحياته … وهي ظاهرة يعتبرها العالم المتحضر كله ظاهرة مرضية، أو هي مقدمة لحياة مليئة بالأمراض إن صاحبت الصغير في مراحل عمره المختلفة. إلى جانب أن الولد البدين يقل أصحابه، ويصعب عليه مشاركتهم في الألعاب لأنه سريع التعب، كما أنه يصبح مكاناً للسخرية والاستهزاء لبدانته، وهذا يسبب له إحباطاً نفسياً سيئاً.
ويعود بعض أسباب الشره وكثرة تناول الطعام عند الطفل إلى قلق نفسي يُؤرقه، أو وجود من ينافسه من إخوته الصغار، أو فقدان أحد الوالدين، فإن شعور الطفل بهذا القلق يزيد من تناوله للطعام؛ لعدم شعوره بالطمأنينة والراحة النفسية، ويكون علاج ذلك بأخذ الاحتياطات التربوية اللازمة، من إشعاره بالاطمئنان، والعطف عليه، وحبه مع إقامة العدل بين الأولاد، وعدم تقديم أحدهم على حساب الآخر.
أما فيما يخص الضرر المتوقع من فقدان أحد الوالدين بالوفاة، فيعالج من خلال إيمان الولد بالقضاء والقدر، وإن كان بالطلاق فيعالج بالتفاهم مع الولد وإقناعه، بأن هذا الطلاق هو أفضل إجراء للعلاقات الزوجية المنهارة.
وإن كان شغف الولد بالطعام بسبب الهوى والميل، وحباً في الأكل والالتهام، دون أن يكون به مرض، أو نحو ذلك؛ فإن علاجه كما رآه مسكويه هو أن يفهم الولد أن الطعام يؤكل لدفع الجوع وألمه لا للتلذذ، فهو كالدواء لدفع الألم، أما الإمام الغزالي فيقول معالجاً هذه القضية: ((يُقبَّح عنده كثرة الأكل بأن يُشبه كل من يكثر الأكل بالبهائم، وبأن يُذم بين يديه الصبي الذي يكثر الأكل، ويُمدح عنده الصبي المتأدب القليل الأكل، وأن يحبب إليه الإيثار بالطعام، وقلة المبالاة به، والقناعة بالطعام الخشن، أي طعام كان)). وفي هذه التوجيهات علاج جيد يمكن للأب أن يستخدمه مع الولد الشره؛ فيمثل كثير الأكل بالحيوانات التي لا تفتأ تأكل دائماً، ولا بأس بسرد بعض الروايات بأن الطفل النجيب الذكي لا يتبع شهوة بطنه؛ بل يقوم عن الطعام قبل أن يشبع، ويلام الولد كثير الأكل، ويخوف البدانة، وأنها سوف تعيقه عن الحركة واللعب، وتُضرب له الأمثلة بأحد الأقارب أوالجيران من السمان؛ ليعرف ضرر ذلك فيتجنبه.
كما يمكن للأب أن يحد من كثرة أكل الولد بأن يوضع لكل طفل طبقه المستقل، فلا يأكل الجميع من الطبق الكبير، فيحدد مقدار الطعام المناسب لكل ولد، ومن أراد الزيادة عن الحد عُرف بذلك، أما أكل الجميع في الطبق الكبير - وإن كان هو الأفضل - فلا يمكِّن الأب من معرفة مقدار ما أكل كل ولد، كما أن الشره منهم يجد له متنفساً جيداً حيث لا يعرف أحد مقدار ما أكل، كما أن قليل الأكل ضعيف البنية من الأولاد لا يُعرف كم أكل؛ بل ربما قام بدون أن يأكل شيئاً يُقيم صلبه.