الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية البيئية للطفل @ 2ـ توجيه الطفل لحسن التعامل مع الحيوان


معلومات
تاريخ الإضافة: 18/8/1427
عدد القراء: 3047
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

2 - توجيه الطفل لحسن التعامل مع الحيوان

شملت رحمة الإسلام الحيوان، فجاءت النصوص والتوجيهات النبوية الكريمة بالمحافظة على حق الحيوان وحمايته من بطش الإنسان. يقول عليه الصلاة والسلام في المرأة التي حبست الهرة دون أكل: ((دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض)). وهذا هو العدل المطلق الذي ُيقرب الأب مفاهيمه إلى ولده ويوجهه بعدم الإساءة إلى الحيوانات التي يملكها في البيت، بل يحسن إليها، فإن أساء خوفه من الله وأشعره أن الله سائله عن ذلك.

وفي التحريش بين البهائم قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((نهى رسول الله r عن التحريش بين البهائم))، وهذا الفعل كثيراً ما يقع من الأولاد لما فيه من الإثارة والاستمتاع، فيثيرون الخرفان بعضهم على بعض ليتناطحوا، أو يثيرون القطط لتتقاتل، أو غيرها من الحيوانات. وبهذا النهي يؤدب الأب أولاده وينهاهم عن ذلك، ويشغلهم بغيرهذا النوع من اللعب المذموم، كأن يشغلهم بالنظر إلى عجائب خلق هذه الحيوانات، فيلفتهم إلى طريقة أكلها، وشربها للماء، وكيف تحنو الأم على صغارها وترعاهم، ويأمرهم أن ينشغلوا برعايتها فيهيئوا لها الطعام والشراب، وينظفوا الحظيرة، فينشغلوا بذلك عن الإساءة إليها، ويتدربوا على الإحسان إليها، ورحمتها.

ومن باب الإساءة للحيوان، خاصة الطيور منها اتخاذها هدفاً للصيد، دون الانتفاع بأكلها، وهذا من الأعمال المنهي عنها، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((من قتل عصفوراً بغير حقه سأله الله عنه يوم القيامة. قيل: وما حقه ؟ قال: أن تذبحه فتأكله)). والأولاد يميلون عادة إلى ألعاب الصيد ويحبونها، ولا شك أن الصيد الحي أحب إلى الولد البارع من التصويب على هدف غير حي، وعلى الأب في هذا الجانب أن ينكر على الأولاد ذلك إن صدر منهم، ويحاول أن يقنعهم باللعب بالأهداف الثابتة دون الأهداف الحية إلا أن يشترط عليهم الانتفاع بما يصيدونه من طيور وغيرها، فإن وافقوا أخذهم إلى المناطق المخصصة لصيد الطيور ملاحظاً أن يكون خارج الحرم لعدم جواز الصيد فيه، وللأب في عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قدوة في إنكار ذلك على الصبيان، فقد روى سعيد بن جبير أنه كان معه في الطريق فإذا بصبيان يرمون دجاجة فقال ابن عمر: ((من فعل هذا ؟ فتفرقوا. فقال: إن رسول الله r لعن من مثَّل بالحيوان)).

وقد ورد عن رسول الله r في هذا الموضوع النهي عن أقل من القتل والإيذاء البدني، فقد نهى حتى أن يساء إلى الحيوان باللعن أو الشتم، ولم يقتصر عليه الصلاة والسلام على نوع من الحيوان، بل شمل توجيهه هذا حتى الحشرات التي لا يؤبه بها ولا يلتفت إليها، فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً لعن برغوثاً عند النبي r، فقال: ((لا تلعنه فإنه أيقظ نبياً من الأنبياء للصلاة)). وهكذا لا يترك عليه الصلاة والسلام مجالاً للإساءة حتى للحشرات ليضع للمسلم دستوراً ينظم حياته كلها، ويعرف من خلاله علاقاته بما حوله من مخلوقات الله U.

وهذا النوع من التعامل الراقي الرفيع مع الدواب يكسب الولد أدباً وشعوراً وإحساساً في نفسه وعقله وكأنه يقول لنفسه: "إذا كانت هذه المعاملة الحسنة مشروعة ومطلوبة مع الحيوان فكيف ببني الإنسان؟ بل وكيف بالوالدين، والعلماء، والأساتذة؟"، فيكتسب الولد من هذا التدريب على التأدب في معاملة الحيوان شعوراً مرهفاً نحو التعامل مع المسلمين.