الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الإيمانية للطفل @ 13ـ تعريف الطفل بكيد الكفار


معلومات
تاريخ الإضافة: 17/8/1427
عدد القراء: 4131
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

13 - تعريف الطفل بكيد الكفار

لابد للأب المسلم أن يحيط أولاده علماً بما يحيكه أعداء الإسلام ضد المسلمين، ويحاول أن يبسط لهم الأفكار حسب أعمارهم وسعة إدراكهم، مستعيناً في ذلك بما ورد عن الله عز وجل وعن رسوله r في فضحهم وتعريتهم، فمما ورد عن الله عز وجل قوله سبحانه وتعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة:109]، وفي بيان شدة عداوتهم للمسلمين يقول الله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة:82]، وفي بيان هدفهم من السعي في تهويد المسلمين، أو تنصيرهم، ليكونوا على ملتهم وطريقتهم، يقول سبحانه وتعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120]. هذه الآيات وغيرها كثير تفضح في الجملة أهداف الكفار من أهل الكتاب، وغيرهم من المشركين، وتبين سعيهم الحثيث ورغبتهم الأكيدة في إضلال المسلمين ومن ثم الفتك بهم والتداعي عليهم. أما ما ورد عن رسول الله r في بيان أحوالهم، وكيدهم، ففي أحداث السيرة النبوية شواهد ووقائع كثيرة تبين وتعري أهدافهم وأساليبهم الخبيثة.

ويبين الأب لأولاده واقع أكثر المسلمين اليوم، وما هم عليه من الانحراف والبعد عن حقيقة الإسلام، وكيف أن الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم كانوا وراء هذا الواقع الأليم، ويبين تسلطهم على رقاب المسلمين في كثيرمن البلدان، وفي مقدمتها فلسطين المحتلة، وأفغانستان والهند، وفي أرتيريا، وغيرها من بلاد المسلمين التى تسلط عليها الأعداء بالاستعمار أو الغزو الفكري، ويبين لهم ما يعانونه من الآلام، وما يتجرعونه من أصناف العذاب، وكيف أنه تحققت فيهم نبوءة رسول الله صلى الله علبه وسلم إذ قال فيما رواه عنه ثوبان رضى الله تعالى عنه: "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومن قلة نحن يؤمئذ ؟ قالَ بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن. فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن ؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت". وهذاالذي  وقع بالفعل في قلوب المسلمين فلم يعودوا يرغبون في الآخرة كما كان أسلافهم، وأصبح حب الدنيا يعمر صدورهم.فتسلط عليهم الأعداء من كل صوب، حتى إن أضعف الدول الكافرة أصبح لها نفوذ وسلطة في بعض ديار المسلمين.

وليس ثمة حل لهذه المعضلة التى تعيشها الأمة سوى تربية جيل صالح متشبع بالإيمان اعتقاداً وعملاً، لايهاب الموت في سبيل الله، ولا يكرهه، بل يرغب فيه ويطلبه، وهذا ما يوقع المخافة في صدور الأعداء ويزلزلهم ؛ وهذا لا يحصل إلا بالتربية الإسلامية، والمتابعة للأولاد، وتوعيتهم بأحوال المسلمين، وإشعال الحماسة في صدروهم، وإظهار الحزن والأسى على أحوال المسلمين، فإن الاهتمام بأمر المسلمين من الواجبات، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)).

ويمكن توعية الأولاد الكبار بهذه القضية من خلال المجلات الإسلامية المختلفة التى تهتم بشؤون المسلمين في العالم وتعرف بأحوالهم واحتياجاتهم، مثل مجلتي "الدعوة" و"الأمة" السعوديتين، ومجلة "المجتمع" الكويتية، ومجلة "أخبار العالم الإسلامي" التى تصدر عن رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وغيرها من المجلات الإسلامية المهتمة بواقع الأمة ومشكلاتها.

ويسعى الأب للاشتراك في بعض هذه المجلات لتصل بصفة منتظمة إلى صندوق بريده، أو إلى المنزل، فلا يحتاج إلى تذكر شرائها، ويضع هذه المجلات أمام أولاده ويشجعهم على قراءتها، ومن حين لآخر يسأل أولاده الكبار عن موضوعاتها ليعطوه ملخصا عما اطلعوا عليه من موضوعات، وليتأكد أنهم مروا على هذه المجلات أو بعضها.

أما الأولاد الصغار فيبلور لهم الأحداث التي تقع على بعض المسلمين في العالم الإسلامي بصورة سهلة يمكن للصغير إدراكها، كأن يقول: "هل تعرفون يا أولاد ماذا حدث لإخوانكم الصغار وآبائهم في أفغانستان وفي البوسنة يوغسلافيا؟ لقد جاءهم الكفار وهجموا على ديارهم وهدموا البيوت وأخرجوا الأطفال الصغار أمثالكم وضربوهم وقتلوا بعضهم فيسأله الأولاد: "لماذا فعلوا هذافيجيبهم: "لأنهم كفار لا يحبون المسلمين ويريدونهم ألا يكونوا مسلمين ويلهب حماسهم بهذا الأسلوب ويدفعهم إلى التبرع والدعاء لهم ليكون ذلك أدل على تأثرهم بالأحداث والوقائع.

ولمزيد من التوعية للأولاد الكبار يضع الأب بين أيديهم بعض الكتب الإسلامية التي تتحدث عن الغزو الفكري، ومدى تغلغل الأعداء في أجهزة المسلمين وإدارتهم، ويساعدهم على فهمها وقراءتها، وذلك ليقف الولد على صورة حية متكاملة للواقع الأليم الذي تعيشه الأمة الإسلامية، ومن ثم يعرف واجبه ومسؤولياته تجاه هذا الواقع، وكيفية التغيير إلى الأفضل، والأحسن، ومن هذه الكتب: كتاب "الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام" للدكتور عبد الستار فتح الله سعيد، وكتاب "الغارة على العالم الإسلامي" لشاتليه، وكتاب "أفيقوا أيها المسلون" للدكتور عبد الودود شلبي، وكتاب "حصوننا مهددة من داخلها" للأستاذ محمد محمد حسين، وكتاب "وسائل مقاومة الغزو الفكري للعالم الإسلامي" حسان محمد حسان، وغيرها من الكتب المؤلفة في هذا المجال.

ولا يكتفي الأب ويقتصر في توعية أولاده على جانب الكتب والمجلات والمعلومات التي يخبرهم بها، بل يسارع في اصطحاب أولاده الكبار خاصة إلى المحاضرات والندوات العامة التي تقيمها بعض الإدارات والهيئات الإسلامية في المساجد، أو الأندية الثقافية، أو قاعات المحاضرات الكبرى في المدينة، حيث يلتقي الولد وعن كثب يشاهد ويسمع بأذنه من علمائه المسلمين العاملين، ويعيش في جو من الألفة مع المحاضرين، ويتزود بزاد العلم، ويقف على أخبار وأحوال المسلمين في العالم، وحضور الأولاد في مثل هذه المنتديات الفكرية يلهب في نفوسهم الحماس، ويشعرهم أنهم ليسوا الوحيدين المهتمين بأمور المسلمين في العالم، بل هناك غيرهم كثير يمكن أن يتكاتفوا معهم ويكونوا يدا واحدة على أعداء الإسلام، فتثلج بذلك صدورهم، وتنبعث في نفوسهم الآمال، ويعلمون أن في الأمة خيرا يمكن أن ينمو ويغير الواقع المر إلى ماهو خير وأفضل.

       كما يمكن للأب أن يكون لديه في البيت مكتبة صوتية صغيرة بجانب المكتبة الخاصة بالكتب والمجلات الإسلامية، فيضع أمام الأولاد تشكيلة من الأشرطة المسجلة التي تفضح خطط الأعداء، وتعري أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي، وبذلك تكمل توعية الأولاد بكيد الكفار وأساليبهم الخبيثة.