الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأسرية للطفل @ 5ـ أضرار الشقاق والتنازع بين الزوجين على الأطفال


معلومات
تاريخ الإضافة: 18/8/1427
عدد القراء: 3289
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

5 - أضرار الشقاق والتنازع بين الزوجين على الأطفال

إن من ثمرات النكاح وجود تلك الألفة، والأنس، والأمن بين الزوجين، وسكون كل واحد منهما إلى الآخر، فهو من أعظم آيات الله U إذ يقول ممتناً على الناس بهذه النعمة العظيمة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [ الروم: 21]، وهذا السكن لا يمكن أن يتحقق في العادة إلا أن يتقيد كل من الزوجين بحدوده، معترفاً بحقوق الآخر، قائماً بواجباته الشرعية، فإن أخل أحدهما أو كلاهما بشيء من هذه الحقوق والواجبات دب النزاع بينهما، وبدأت الأسرة في خوض معارك وصراعات من وقت لآخر. ولعل الوالدين في بادئ الأمر يخفيان خلافهما وشقاقهما عن الأولاد، فلا يظهران أمامهم شيئاً من الغضب أو الحنق، ولكن إذا استمر الوضع على حاله ودام النزاع لم يلبث حالهما أن يظهر للأولاد من وقت لآخر في صورة شتائم، أو إعراض، أو هجر، أو ترك للمنزل، وأقل ذلك أن يسمع الأولاد أصوات الخصام تنبعث من غرفة نوم الوالدين والأطفال لديهم حاسية مرهفة، مرتبطة بنفسية الوالدين، فإن أحسوا اضطراباً في وضع الوالدين انتقل هذا الاضطراب إلى نفوسهم أما إن لم يكترث الوالدان بوجود الأولاد في مكان الخصام، فأخذ كل واحد منهما يعبر عن آلامه وأحزانه وشكواه أمامهم، فإن نموهم الصحي والعاطفي يتعرض لخطر أكيد؛ إذ لا يمكن أن يتصوروا رؤية أحب شخصين إليهم بصورة مفزعة، وقد احمرت أعينهما، وانتفخت أوداجهما، وظهر عليهما الغضب واضحاً وأخذ كل منهما يشتم الآخر. وتكون المشكلة أكبر على نفس الأولاد وأخطر إذا أخذ الأب يضرب الأم أمامهم، فهذا لا شك يترك في نفوسهم أثراً سيئاً جداً، وربما ساقهم إلى الانسحاب من الأسرة، أو المجتمع والانضمام إلى عصابات الأطفال، أو فقدان الثقة بالنفس وبالناس، والانغماس في أحلام اليقظة، فإن "معظم الأطفال المشكلين يأتون من منازل مفككة، ومنازل تكثر فيها الاحتكاكات بين الزوجين" لهذا فإن على الأب أن يأخذ بالأسباب الكفيلة لحماية أولاده من الوقوع في المشاكل النفسية وأزماتها من جراء الخصام مع الأم.

وقد شرع الإسلام مبدأ الطلاق وفصَّل فيه في القرآن الكريم تفصيلاً دقيقاً، لم يفصِّله في الصلاة، ولا الزكاة، ولا الصيام، فإذا وجد الأب أنه لا مجال لاستمرار الحياة مع زوجه، فإن الطلاق - كما شرع الله - هو العلاج الأخير للمشكلات الأسرية المستعصية، فيكون أفضل وأحسن بالنسبة للأولاد والزوجين من النزاعات الطويلة أمام الأولاد دون جدوى.