الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأخلاقية للطفل @ 3ـ التربية الأخلاقية للطفل بين البيئة والوراثة
3 - التربية الأخلاقية للطفل بين البيئة والوراثة
إن صلاح الفرد وتهذيب نفسه بالأخلاق الإسلامية هو الطريق لصلاح المجتمعات، واستقامتها على المنهج الإسلامي القويم. والطفل الصغير يولد مزوداً بقدرة فائقة على اكتساب ما يلقى إليه من خير أو شر، وإن كان هو ميالاً إلى الخير أكثر منه إلى الشر، لأنه مفطور على الخير وحبه، إلا أنه يحتاج إلى التأديب والتوجيه والتربية، لما للبيئة والوراثة من تأثير في خلقه. يقول الماوردي رحمه الله مشيراً إلى أهمية التربية والتأديب: "اعلم أن النفس مجبولة على شيم مهملة، وأخلاق مرسلة، لا يستغني محمودها عن تأديب، ولا يكتفي بالمرضي منها عن التهذيب"، أي أنه لا بد من التربية والتوجيه وتنمية الأخلاق الحسنة التي جبل عليها الطفل وتعميقها دون إهمال.
ولا ينبغي تضخيم شأن الوراثة فإنه بالإمكان التخفيف من شأنها وتأثيرها في نفس الطفل، وذلك بمزيد من الجهد والمثابرة، فإن تقويمها ليس مستحيلاً. والغزالي رحمه الله يشير إلى هذه القضية مبيناً أن الأخلاق الحسنة مثل الجود، والتواضع، والشجاعة، وغيرها يمكن إيجادها في الإنسان من خلال التدريب عليها ومزاولتها حتى تصبح محببة إلى النفس يتلذذ صاحبها بها كما تحتل القدوة، والسلوك الصحيح من الوالد والأسرة مكانة كبيرة في إيجاد هذه الأخلاق في نفس الولد، "فالإنسان يتعلم البذل والحرص على شعور غيره عن طريق حرص الآخرين على شعوره واهتمامهم بشأنه" فلو أن الوالد أظهر لولده الاهتمام به، ومحبته، والرغبة فيه، فإن الطفل يتعلم من هذا كيف يحب الآخرين، ويهتم بشعورهم، ويعمل على راحتهم.
لهذا كان دور التربية الأبوية في الأسرة هاماً جداً لإيجاد ذلك الخلق والأدب مع النفس لتستقيم على المنهج الإسلامي الصحيح، وفي هذا المجال يقول الإمام الماوردي رحمه الله: "الأدب مكتسب بالتجربة، أو مستحسن بالعادة… وكل ذلك لا ينال بتوفيق العقل، ولا بالانقياد للطبع، حتى يكتسب بالتجربة والمعاناة، ويستفاد بالدربة والمعاطاة".