- أيها المسلمون : تتلاحق الأحداث ، وتكثر المواقف ، وتجتمع الفتن ، ويعظم الخطب على أمة الإسلام المستضعفة .
- فأينما اتجه نظر المسلم المعاصر في هذا العالم البائس يجد المأساة في أبلغ صورها قد خيَّمت بظلالها القاتمة على جنباته.
- وتعظم المأساة وتشتدُّ وطأتها على المسلمين ، فهم أعداد بلا معنى ، ودول بلا قوة، وشعوب بلا حرية.
- لقد تواطأ العالم الكافر على إذلالنا ، وسلب إرادتنا ، وانتهاك حرُماتنا ، ونهب خيراتنا.
- لقد اختلف أعداؤنا في كلِّ شيء ، في : عقائدهم ، وأنظمتهم السياسية ، ومبادئهم الاقتصادية، إلا أنهم اتفقوا على حربنا والسيطرة علينا.
- يتداعوْن من كلِّ ناحية للنيل منا ، في ديننا وأخلاقنا ، وفي معاشنا وأرزاقنا ، ليس لهم همٌ إلا أن نبقى مستضعفين متخلِّفين.
- لقد كسر الوثنيون حاجز التخلف والتبعية كالصين وكوريا واليابان ، وبقينا نحن في تخلُّفنا قابعين في مؤخِّرة الركب.
- لقد خدَعنا العالم بالوعود الكاذبة ، والدعايات الفارغة ، لقد خدعنا المستشارون السياسيون ، والخبراء الاقتصاديون، فما زادونا إلا خبالاً وضياعاً.
- لقد صُكَّت آذانُنا من الكذب الدولي ، والخداع العالمي ، فقد استمرأ العالم الكذب والغش والخداع، في عالم لا يعترف إلا بقوة البطش.
- أما يستحيي هؤلاء الزعماء الديموقراطيون من الكذب في المحافل الدولية ، وعبر وسائل الإعلام ؟ يكذبون ويكذبون حتى غدا الكذب ديناً لهم؟!
- يتبجَّحون بالديموقراطية والحرية ، والحضارة والتقدمية ، وهم في الحقيقة همج تافه ، في ثوب مزخرف لامع.
- لقد ملأ الحقد قلوبهم ، حتى ضاقت نفوسهم بنا ، يتمنون لو تخلَّصوا من المسلمين فلا يبقى منهم أحد.
- لقد هال أعداء هذا الدين ، أن تبقى للمسلمين قائمة بعد كلِّ هذه المحاولات من : الإبادة والحصار والاستعمار، منذ أكثر من مائة عام.
- إنهم لا يرون للمسلمين حقاً في الحياة ، وقد نسوا أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده.
- لقد جهل أعداء هذا الدين أن أمة الإسلام أمة لا تفنى ولا تزول ، وسوف تبقى غيظاً وشوكةً في صدور وحلوق أعدائها.
- " يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ " .
- إن المسلم المعاصر ليتعجَّب في هذه الأيام من المناداة إلى السَّماع من الآخر ، والإفساح للآخر ، والتلطُّف بالآخر، وكأن المسلمين ما عرفوا ذلك الآخر إلا اليوم.
- لقد عاش الآخرون هؤلاء من اليهود والنصارى والمجوس والصابئة وغيرهم معزَّزين مكرَّمين في بلاد المسلمين.
- لقد نال هؤلاء حقوقهم كاملة في بلاد المسلمين دهوراً متعاقبة ، حين كان الإسلام هو الذي يحكم بين الناس.
- لم يكن أحد يجرؤ على ظلم أحد من أهل الملل الأخرى في ظل الحكم الشرعي الإسلامي.
- بل وحتى بعد أن نُحِّيَت الشريعة - في كثير من بلاد المسلمين - لم نجد من المسلمين من يضطهد يهودياً أو نصرانيا ، أو يستبيح ماله أو عرضه.
- لقد استقرَّ في قلوب المسلمين جميعاً أنه لا يجوز ظلمُ أحد من الناس لأنه غير مسلم، بل إن دين المسلم يأمره بالعدل مع الحيوان، فكيف بالإنسان ؟
- ولئن كانت شرذمة من أبنائنا الضالين تعدوا على بعض الأجانب، فإنها أحداث شاذة، لا تغيِّر من الحقائق الواقعية شيئاً ، فقد استنكره عموم المسلمين.
- كيف يجرؤ المسلم على ظلم غير المسلم وهو يقرأ : " وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ " ؟
- ثم كيف يجرؤ على ذلك وهو يسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم : « من آذى ذِمِّياً فأنا خصمه، ومن كنت خصمَه خصمته يوم القيامة».
- وقال أيضاً : «من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ».
- وقال: «ألا من ظلم معاهداً ، أو انتقصه، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفسٍ : فأنا حجيجُه يوم القيامة».
- إن المشكلة
ليست من المسلمين ، ولكن المشكلة في غير
المسلمين حين
لا يرون لنا حقاً
في الحياة الكريمة، فاسألوا التاريخ، واسألوا
الواقع : ماذا فعل النصارى في إسبانيا والبوسنة
والهرسك والعراق وأفغانستان؟ وماذا فعل
اليهود في فلسطين؟ وماذا فعل الشيوعيون
في الاتحاد السوفياتي؟ وماذا فعل الهندوس
في الهند؟ هل تركوا للمسلمين فرصة للحياة
الكريمة؟ أم بغوا وتسلطوا عليهم؟
- لقد اعترف المسلمون بالآخر ، ولكن هذا الآخر لم يعترف بهم .
* * *
- أيها المسلمون : لقد قضى الله لهذه الأمة المسلمة أنها لا تنهض ولا تتمكَّن إلا بدينها ، حين تأخذه بقوة : عقيدةً وسلوكاً.
- إن المخرج الوحيد من أزمات الأمة المتلاحقة هو في اعتصامها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
- قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي ».
- وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا : « إنها ستكون فتنة ، قيل: فما المخرج منها ؟ قال: كتاب الله ».
- فاعتصموا أيها المسلمون بكتاب ربكم، وخذوا بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، تفلحوا وتسعدوا.