- أيها الإخوة : الزواج فطرة كونية ، فهو نظام كوني عام ، يشمل الجوانب المادية والمعنوية: الحيوان، والنبات، والجماد، وكذلك الأخلاق: الصدق والكذب، الحق والباطل، الليل والنهار، وهكذا صورة التزاوج في كلِّ شيء خلقه الله تعالى من الماديات والمعنويات.
- والزواج سنة المرسلين جميعاً عليهم السلام من آدم حتى محمد صلى الله عليه وسلم.
- حرم الإسلام الرهبانية والتبتل، فقد أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم على الثلاثة الذين أعرضوا عن مباحات الدنيا، ونهى عن الرهبانية.
- الزواج هو النظام الوحيد لقيام الأسرة الإنسانية.
- أما فوائد الزواج فكثيرة وجليلة منها :
- تكثير النسل وحصول الولد؛ فإن عبادة الله في الأرض لا تتم إلا بالتناسل، الذي يُوجد الإنسان الذي يقوم بالعبادة.
- حصول العفة بقضاء الوطر بالطريق المشروع.
- حماية المجتمع من الانحرافات الجنسية، التي تكون العزوبة سبباً فيها.
- حصول السكن والاطمئنان النفسي، " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ".
- ولقد استقر عند العقلاء أن الزواج من أعظم أسباب الراحة النفسية، والصحة الجسمية.
- كما أن العلاقة الزوجية من أعظم العلاقات الإنسانية وأقواها وأغلظها.
- كما أن أهم الانفعالات التي تحدد سعادة الإنسان هي تلك الانفعالات المتعلقة بالحياة الزوجية ، وتكوين الأسرة.
- وفي الجانب الآخر : فإن العزوبة سبب من أسباب الوساوس، والحرمان، والأمراض النفسية، والإجرام.
- وقد أثبت الواقع الميداني ارتباط الجريمة – في كثير من حالاتها- بالشباب الأعزب، الذي لم يرتبط بالزواج ، ولا تكوين الأسرة.
- ومن جهة أخرى فإن الاستقرار الزواجي من أعظم أسباب السعادة الإنسانية، والشعور بالراحة والسكن.
- لما أراد زياد بن أبي سفيان أن يعبِّر عن السعادة لم يجدها إلا في الزواج والاستقرار الأسري ، فقال: « رجل مسلم له زوجة مسلمة، لهما كفاف من العيش، قد رضيت به ورضي بها ، لا نعرفه ولا يعرفنا ».
- أيها الإخوة : هذه السعادة الزوجية لا تتحقق إلا بوسائل منها :
- حسن اختيار الزوجين على أساس الدِّين وحسن الخلق.
- تقارب السن بين الزوجين، فهو أدعى للألفة، وحسن الوفاق ، وسلامة التفاهم.
- السلامة الصحية، فالزواج تكاليف بدنية، وإنجاب، وخدمة، تحتاج إلى زوجين صحيحين.
- التغريب في النكاح، بتجنُّب الأقارب، وفي الحديث: «الناكح في قومه كالمُعْشِب في داره»، يعني: كالزارع في داره.
- تبادل النظر بين الخطيبين والحذر من: التشدد في ذلك، أو التفلُّت فيه، ولا بد من إظهار الفتاة على حقيقتها أمام الخاطب ، وكذلك الفتى ، لا يخفي من عيوبه شيئاً.
- عدم إجبار الفتاة أو الفتى على الزواج ، ولا مانع من ترغيبهما في غير إجبار.
- تيسير مؤونة الزواج، فقد دخلت عائشة رضي الله عنها على الرسول صلى الله عليه وسلم وليس في بيته سوى قدح من لبن، ومتاع قليل، ودخلت فاطمة رضي الله عنها على جلد كبش.
- قال علي بن أبي طَالِب رضي الله عنه : « لا تغالوا في مهور النساء : فتكون عداوة »، يعني: يكره الرجل المرأة؛ لما تكلَّف لها من المؤونة.
- أيها المسلمون : لا بد للزوج بعد دخوله بأهله أن يراعي معاشرتها بالمعروف، وهذا يشمل حسن المعاملة، والنفقة بالمعروف.
- ولا بد للزوجة أن تعترف لزوجها بالقوامة، والطاعة في المعروف.
- وبهذين الأمرين تعمر الحياة ، وتزدهر الأسرة، وتنشأ الذرية نشأة مستقرة سوية .
* * *
- أيها الإخوة : إن من أكبر مشكلات الحياة المعاصرة تأخير سن الزواج بسبب الدراسة، والأمور المالية ونحوهما، مما نتج عنه انحرافات كبيرة في أوساط الشباب، حتى اقترنت الجريمة بالشباب والانحراف، وثبت ميدانياً أن غالب المجرمين من العزاب.
- إن الحاجة إلى إشباع الشهوة الجنسية لا تتأجَّل، ولا يمكن أن يقوم مقامها دراسة، أو شغل، أو تسلية، أو عمل.
- يقول أبو مسلم الخولاني ناصحاً قومه: « يا معشر خولان: زوِّجوا نساءكم وإماءكم، فإن النعظ (يعني الشهوة) أمر عارم (يعني: شديد وعنيف) فأعدوا له عدة، واعلموا أنه ليس لمنعظ أُذن » ، (يعني: أن المثار جنسياً لا عقل له ولا فهم ولا سمع ).
- فاتقوا الله أيها الناس ، ويسروا أمر النكاح، واتقوا الله في الشباب والشابات، فإنهم في حرج شديد.