- أيها المسلمون : تختلط المفاهيم في أذهان بعض الناس، فلا يعرف كيف يميِّز بين الإنسان الصالح وغيره من أهل الفساد.
- فتراه من شدَّة اختلاطه يصف الإنسان الصالح بالفساد، ويصف الإنسان الفاسد بالصلاح.
- ليس له مقياس يميِّز به، والله عز وجل يقول: " أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ".
- ويقول أيضاً : " أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُونَ ".
- ويقول أيضاً : " أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " .
- إن الفارق بين أهل الصلاح وأهل الفساد واضح بيِّن، لا يخفى إلا على من انتكست فطرته ، وذهب نور عقله ، وضعفت بصيرته.
- إن الإنسان الصالح هو المؤمن بالله تعالى المصدِّق بالكتب، وبما جاءت به الرسل الكرام عليهم السلام .
- إنه المؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، يحبه ويتَّبعه، ويدافع عن سنته.
- إن الإنسان الصالح هو التقي في نفسه، المستقيم في سلوكه، القائم بالواجبات، المجتنت للمعاصي والمنكرات.
- إنه شجاع في غير تهور، وعزيز في غير تكبُّر، ومتواضع في غير مهانة، وكريم في غير إسراف.
- إنه رحيم بالناس، عطــوف على أهله وولده، رقيق في معاملاته وعلاقاته، لا يؤذي أحداً.
- إنه كثير الحِلْمِ، يصفح ويعفو ويتسامح ، ويتجاوز عن المعسر، ويقبل العذر من المسيء.
- إن الإنسان الصالح هو المحب للخير، المبغض للشر، يسعى بالخير للناس، ويخشى الإساءة إلى أحد.
- إنه الكاره للفخر والخيلاء، لا يحب الكبر ولا المتكبرين، متواضع في مشيته ولباسه، لا يتميَّز عن الناس في المباحات.
- إنه البارُّ بوالديه، المحسن إليهما ، يصل رَحِمَه، ويبرُّ أقاربه، يحسن للمحسن، ويصبر على المسيء.
- إنه صاحب إرادة قوية، وعزيمة صادقة، لا يَكَلُّ من فعل الخير، ولا يملُّ من الطاعات والصالحات.
- كريم لا يبخل بالنفقة الواجبة، يعطي المسكين، ويكرم اليتيم، ويحسن إلى الأرملة والفقير.
- يشارك الناس في أفراحهم وأحزانهم، يفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم، قد لان قلبه للمسلمين.
- إن الإنسان الصالح هو المهتم بأمر المسلمين في كل مكان، يتحرَّق لمصاباتهم، ويسعد لانتصاراتهم.
- إنه يُحِبُّ في الله ويُبغض في الله، يحبُّ المؤمنين، ويبغضُ الكافرين، يوالي في الله، ويعادي في الله.
- يُبغض الظلم والظالمين، ويحب العدل والعادلين، لا يظلم أحداً حتى وإن كان أبغض الناس إليه، ولا يحابي أحداً حتى وإن كان أحبَّ الناس إليه.
- يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في حكمةٍ وصبر، ولا يخاف في الله لومة لائم.
- يراعي خلاف الفقهاء، ويحترم اجتهادات العلماء، ولا يرضى لنفسه بغير الراجح من الأقوال.
- إن الإنسان الصالح عظيمُ الثقة بالله تعالى ، يتفاءل ولا يتشاءم، يأمل الخير، ولا ييأس من رحمة ربه.
- إذا أصابته سراءُ شكر، وإذا أصابته ضرَّاء صبر، فهو على خير في كل أحواله لا يقنط أبداً.
- إذا حدَّث صدق، وإذا وعد أنجز، وإذا ائتمن وفَّى، وإذا خاصم حَلُمَ.
- إنه حريص على حفظ سمعه من الباطل، وعلى غض بصره عن العورات، وكفِّ لسانه عن الشتائم وفاحش القول.
- إذا أذنب استغفر، وإذا أخطأ اعتذر، لا يصرُّ على المعصية، ولا يستكبر عن الاعتذار.
- يحب العمل والاجتهاد، ويكره الكسل والإحباط، يتقي الحرام في مأكله ومشربه، ويتجنَّب الشبهات في معاملاته.
- يحب العلم والعلماء، ولا يشبع من المعرفة، يحترم الوقت ولا يضيِّعه، فهو على خير في كل أحواله.
- حريص على صحة جسمه، وطهارة لباسه، في غير هلع، أو تكلُّف، أو إسراف.
- أيها المسلمون: هذا هو الإنسان الصالح كما صوَّره القرآن الكريم، وكما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- أعـوذ بالله من الشــيطان الرجيــم : " تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ".
* * *
- أيها الإخوة : كم هو قبيح أن يعيش أحدنا في المجتمع لا يميِّز بين أهل الخير وأهل الشر، لا يعرف الصالح من الفاسد.
- فكم شاهدنا في المجتمع من يصف أهل الصلاح بالفساد، ويصف أهل الفساد بالصلاح، لا يميز بينهما.
- يرى الرجل يفعل الخير ويسارع فيه فيصفه بالفساد ، ويطعن في مقصده ، ويرى الرجل يفعل الشر ويسارع فيه ، ومع ذلك يزكِّيه ، ويزعم أنه حسن النية والقصد.