- أيها
الإخوة : ليس أحد منَّا يمر عليه ليل أو نهار إلا ويقع في خطأ ، متعمداً أو ساهياً
، عالماً أو جاهلاً .
- لقد
ارتبط الإنسان بطبيعته الفطرية بالأخطاء ، سواء الصغيرة منها أو الكبيرة ، وجلَّ
من لا يخطئ .
- والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : « كلُّ
ابنِ آدم خَطَّاء » ، فليست المشكلة في مبدأ الوقوع في الخطأ ، وإنما المشكلة في
الإصرار والإعراض عن التوبة.
- ولهذا
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : « وخير
الخطائين التوابون »، يعني الذين يرجعون إلى الاستقامة كلَّما أخطأوا .
- جاء رجل
إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال : « يا
رسول الله ، أحدنا يُذنب ، قال: فيكتب عليه ، قال : ثم يستغفر منه ويتوب ، قال :
يُغفر له ويُتاب عليه ، قال: فيعود فيذنب ، قال : فيكتب عليه ، قال : ثم يستغفر
منه ويتوب ، قال : يُغفر له يُتاب عليه ، ولا يملُّ الله ُ حتى تملُّوا ».
- وفي الحديث
القدسي ، قال الله تعالى : « يا ابن آدم
إنَّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت
ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو أنك أتيتني
بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ».
- ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « لو أخطأتم
حتى تبلغ خطاياكم السماء ، ثم تبتم لتاب الله عليكم » .
- ويقول
أيضًا صلى الله عليه وسلم : « التائب من الذنب كمن لا ذنب له » .
- ويقول أيضًا
: « التوبة تجبُّ ما قبلها » .
- ويقول :
« الندم توبة ».
- ويقول
الرسول صلى الله عليه وسلم عن إمهال الله
العبد حتى يتوب : « إن صاحب الشمال -يعني الملك - ليرفع القلم ستَّ ساعات عن العبد
المسلم المخطئ ، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها ، وإلا كتبت واحدة » .
- وفي الحديث القدسي ، قال الله تعالى : « يا عبادي
إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعاً ، فاستغفروني أغفر لكم » .
- وفي
الحديث القدسي أيضًا يقول الرب سبحانه وتعالى : « من علم أني ذو قدرة على مغفرة
الذنوب : غفرت له ولا أبالي ، ما لم يشرك بي شيئاً » .
- وأصدق من
هذا كلِّه وأرجـى قول الله تعالى : " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ
شَيْءٍ "
.
- وقوله
تعالى: " نَبِّئ
عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ "
.
- وقولــه
تعــالى أيضــًا : " وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن
تَابَ
وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى" .
- وقوله
سبحانه : " قُلْ
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " .
- وقوله
سبحانه : " وَهُوَ
الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا
تَفْعَلُونَ ".
- أيها
الإخوة : هذه رحمة الله ، وهذه مغفرته، فما لنا نسوِّف ونؤخِّر ، ما لنا نُعرض
ونستكبر ؟.
- فماذا
على أحدِنا حين يخطئ فيذنب ، يقوم فيتوضأ ثم يصلي ، ثم يسأل الله تعالى المغفرة ،
فماذا على أحدنا لو فعل هذا حين يعصي؟
- إن الأخطاء التي لا تتبعها توبة صادقة : تجثم على
القلب ، حتى تحيط به من كل جانب ، فلا يبصر النور ، ولا يعرف الحق .
- فإذا
تمادى في الأخطاء والمعاصي ، وغرق فيها : ختم الله على قلبه ، وحُرم التوبة ، حتى
يقدمَ على ربه بذنوبه .
- أيها
الإخوة : لنتساءل من هذا الذي تاب فلم يقبل الله منه ، ومن هذا الذي سأله فلم يعطه
، ومن هذا الذي أقبل عليه فلم يقبله ؟
- ولا يقل
أحدنا في نفسه : إنه أفضلُ من هذا الذي قتل مائة نفس ؛ فإن الله لو حاسب أولياءه
بعدله لهلكوا.
- واعلموا
أن الذنب بقدر ما يصغر في عيني أحدنا : يكبر عند الله ، وبقدر ما يكبر في عيني
أحدنا يصغر عند الله تعالى .
- فبادروا
أيها الإخوة بالتوبة الصادقة ولاسيما في الأيام الفاضلة ، والمناسبات الطيبة.
- "وَتُوبُوا
إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " .
* * *
- أيها
المسلمون : إن الله غنيٌ عن تعذيب عباده ، غني عن إيلامهم وعقوبتهم، لقد أنقذهم من
حفرة النار ، كما قال تعالى : " وََكُنتُمْ عَلَىَ
شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا
" ، فماذا يريد سبحانه
وتعالى من إعادتهم فيها وقد أنقذهم منها ؟.
- " مَّا يَفْعَلُ
اللَّهُ
بِعَذَابِكُمْ إِن
شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ " ، ماذا يصنع الله بعذاب العباد إن هم
آمنوا وشكروا ؟.
- إن الله
غني عن التنكيل بالعباد ، وإظهار القوة والبطش ، وإنما هو تهديد ووعيد للمعاندين
المستكبرين الشاردين عن الله تعالى .
- أيها
الإخوة : إذا كان الله تعالى الخالق المنشئ الرزاق المتفضل الغني : يشكر لعباده صلاحهم وإيمانهم واستقامتهم : " وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا "
، فما بال العباد لا يشكرون ربهم ؟.
- اللهم
أوزعنا شكر نعمتك ، والاستقامة على طريقتك ، ووفقنا لتوبة صالحة قبل الموت يا رب
العالمين.