· يعيش العالم الإسلامي ضغوطاً دولية، وتسلُّطاً عالمياً ، يرمي إلى تغيُّرات: اجتماعية واقتصادية وسياسية شاملة.
· وتحتل قضايا المرأة جزءاً كبيراً من الاهتمامات الدولية الرامية إلى التغيير الاجتماعي ، باعتبار أن المرأة هي : محور الحياة الاجتماعية.
· ولقد أدرك الغرب أن أيَّ تغيُّر اجتماعـــي لا يتناول المرأة المسلمة – بصورة خاصة - فإنه تغيير لا يثمر شيئاً، ولهذا زاد الاهتمام بالمرأة وقضاياها في هذا الوقت.
· ولقد ثبت أن خصائص المرأة في التصور الإسلامي ، والأحكام الخاصة بها : تقف عقبة كبرى في وجه التغيير الاجتماعي الذي ينشده الغرب، ويسعى إليه.
· و المملكة العربية السعودية دولة من دول العالم، تعيش فيه، وتتفاعل معه، تؤثر فيه وتتأثر به ، ولا يمكن لها أن تعيش خارج هذا العالم.
· ولهذا فقد واجهت المملكة جزءاً كبيراً من الضغوط الدولية الرامية لتغيير وضع المرأة السعودية، وبالتالي تغيير نمط الحياة الاجتماعية ككل.
· وللأسف كثيراً ما تلتقي أهداف الأعداء في الخارج مع آمال بعض الفئات الاجتماعية المنحلة في الداخل، فينشدون التغيير بلا ضوابط، ولا حدود.
· إن من الحقائق الكبرى : أن الأمة الإسلامية حين تناقش أي قضية من القضايا فإنها لا تنطلق من فراغ، وإنما تنطلق من عقائدها وثوابتها، وقيمها وأخلاقها.
· والناظر في تراث الأمة يجد ثروة علمية ضخمة في جميع ميادين الحياة الإنسانية، قد انطلقت – في الجملة - من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
· ولقد عاشت الأمة الإسلامية برجالها ونسائها مئات السنين في ظلِّ رحمة شريعتها، لكل حقوقه من الرجال والنساء يتمتع بها ، قد قررها الله تعالى، ومنحهم إيَّاها.
· واستمرت الأمة على هذا الحال حتى جاء المستعمر الغربي لينحِّي الشريعة الإسلامية عن واقع الحياة، ليحكم بدلاً عنها القانون الوضعي، بكل انحرافاته وضلالاته .
· ولم يسلم من هذا التغيير الخطير الذي عمَّ بلاد المسلمين إلا هذه البلاد، وأجزاء يسيرة من البلاد الإسلامية ، ومن هنا كان الضغط على هذه البلاد المتميِّزة بالشريعة أكبر من غيرها.
· ولهذا كان هدف الغيورين في هذه البلاد ، والمحبين لها هو : الحفاظ على بقية الخير فيها، وتنميته وتأصيله، وليس تغييره أو تبديله.
· وإن المسلم ليتعجَّب من بعض أبناء جلدتنا حين يناقشون قضايا المرأة خارج نطاق شريعتنا، فتراه يقول برأيه في مسائل شرعية قد أجمع عليها المسـلمون في القرن الأول، فتراه يقول بعلم أو بجهل ما يخالف الثوابت الشريعة، ويعارض الفتوى الرسمية في البلاد.
· إن قضايا التغيير الاجتماعي ، ولاسيما المتعلقة بالمرأة ليست بالأمر الهيِّن، فإن التجارب العربية والإسلامية من حولنا الخاصة بالمرأة: تجارب محبطة ومخفقة، فأين ما اتجه الناظر في هذا العالم الإسلامي : وجد وضع المرأة – في الغالب - محزناً مُبكياً.
· أين المجتمع المثالي من حولنا الذي يتمني الشعب السعودي أن يكون مثله ؟ ولا يعني هذا أننا بلا أخطاء، ولكن كم هو حجم أخطائنا مقارنة بغيرنا ؟
· إن أيَّ تغيير بشأن المرأة السعودية غالباً ما سوف يكون على حساب الإنجازات الضخمة التي تحققت لها في هذه البلاد ، وقد شاهدنا في الواقع أن التغييرات التي حصـلت للمرأة العربية - في الجملة - لم تكن في صالحها، فالتجارب مؤلمة ومُحْبطة.
· ولهذا يقف علماء هذه البلاد متوجِّسين وحذرين من رياح التغيير والتبديل ، يخشون أن يصيبنا ما أصاب غيرنا.
· ولهذا يستنكر بعض الناس على علمائنا تشدُّدهم في باب سدِّ الذرائع، فيتذمَّرون من ذلك، وقد نسوا أن سد الذرائع مصدر من مصادر التشريع الإسلامي, وخلاصته : المنع من بعض الأعمال التي ظاهرها الحل، لأنها قد تؤدي إلى المحرم .
· والعالم البصير في هذا الزمان يعلم متى يعمل بالعزيمة ويأمر بها، ومتى يعمل بالرخصة ويأمر بها، ضمن حدود الشرع الحنيف، فلا يصح من الجاهل أو العامي أن يعترض عليه في اجتهاده ، ولو تُرك الاجتهاد لكل أحدٍ لضاع الدين ، وذهبت معالمه.
· ولا شك أننا في زمن كزماننا هذا في حاجة إلى التشدد والعزائم أكثر بكثير من حاجتنا إلى الترخُّص والتراخي.
· فاتقوا الله أيها الناس، واحمدوا الله على ما أنتم فيه، واسْعوا قدر استطاعتكم في التحسين والتطوير ضمن حدود شريعتنا، وأخشى ما نخشاه أن يأتي يوم – لا قدر الله – نحزن على أيامنا هذه ونتأسَّف عليها، فإن مستقبل الحياة الاجتماعية لا يبشِّر بخير كثير .
· أعوذ بالله من الشيطان الرجيـــــــم: ) إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ (.
^ ^ ^
· أيها الإخوة المسلمون : يتوجه الحديث نحو حقوق المرأة دون الحديث عن واجباتها، وهذه وجهة عالمية ، تتبناها منظمات عالمية متنفِّذة، تُثير الناس إلى حقوقهم دون أن تلزمهم بواجباتهم.
· والصحيح أن قيام الشخص بواجباته : يضمن للآخرين حقوقهم، فلو قام كلُّ شخص بواجباته : لانتهت أزمة الناس ، فلْنلزم كلَّ شخص بواجباته : حتى يتحقق للجميع حقوقهم.
· فلو قام الزوج بواجباته : تحقق للزوجة حقوقها ، ولوقامت الزوجة بواجباتها : تحقق للزوج حقوقه وهكذا.
· إن البعض يصور المجتمع السعودي على أنه قد انقسم إلى قسمين: رجال ظلمة قد منعوا الحقوق ، ونساء مظلومات قد سُلبن حقوقهن ، لهذا يسعى بعضهم – حسب زعمه - للدفاع عنهن.
· والصحيح أن الظلم لا يسير دائماً في اتجاه واحد، فكم من امرأة ظلمت رجلاً، وكم من امرأة ظلمت أختها وهكذا ، فليس الظلم دائماً يتجه من الرجال إلى النساء.
· أيها المسلمون : سؤال يطرح نفسه: هل يمكن أن تحصل النساء على حقوقهن كاملة دون الرجال ؟ وهل مرَّ على التاريخ البشري أن حصل النساء على حقوقهن دون الرجال ؟ إن الواقع يشهد أن مثل هذا لم يقع في التاريخ ، ولن يقع في مستقبل الحياة ، وإنما الواقع يشهد – في الغالب - أن الرجل إن حصل على حقوقه أعطى المرأة حقوقها ، وكلُّ خير يصل إلى المرأة غالباً ما يصلها إلا عن طريق الرجل، كما أن كلَّ شر لا يصل إليها – في الغالب- إلا عن طريق الرجل أيضاً.
· فالرجل هو وسيلة المرأة إلى الخير والشر ، فمن الرجال : الرسل والأنبياء والصالحين ، ومن الرجال : الفراعنة والأشقياء.
· ولهذا لا تجد المرأة – في الغالب- رأساً في الخير ولا تجدها أيضاً رأساً في الشر، إنما هي تبع للرجل في الخير والشر.
· فإذا كان الأمر كذلك فإن الرجل هو صناعة المرأة في نشأته وتربيته، فلتصنعه كما شاءت ، ولتهيئه على ما تشتهي ، ولتعدَّه عوناً لها على الخير أو عوناً لها على الشر، وهذا لا يكون إلا حين تتفرغ له: تربية وتنشئه ، تصنعه على ما تحب وتعتقد.