· لقد بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى والنور ، فعاش ثلاثاً وعشرين عاماً يبني أمة الإسلام, حتى إذا انتهى من مهمته ، وكمل البناء : قبضه الله إليه.
· لقد ترك لنا الرسول صلى الله عليه وسلم كتاب الله وسنته فيهما النور والهدى, والصلاح والفلاح, أخذ بهما الخلفاء الراشدون من بعده، فصلحوا وأصلحوا.
· لقد سار الخلفاء الراشدون في حكمهم على منهاج النبوة, علماً وعملاً, عقيدةً وشريعةً, لم تعرف البشرية حكماً أرحم من حكمهم بعد النبوة.
· حتى إذا تغيَّرت القلوب, ودخلها ما دخلها من الفساد, رفع الله الخلافة, وأبدلها بالملك والملوك, تعرف منهم وتُنكر, قد جمعوا خيراً وشراً, حقاً وباطلاً, فعاشت الأمة على حالها هذا زمناً طويلاً.
· حتى إذا تغيَّرت القلوب إلى ما هو أفسد وأقبح : سلَّط الله على الأمة المستعمر الأوروبي, فاحتل بلاد المسلمين إلا يسيراً.
· فحكم النصارى بلاد المسلمين بالطاغوت ، حتى إذا أجلاهُمُ الله: تسلَّط على الأمة أناسٌ من أبناء جلدتهم, ويتكلَّمون بألسنتهم, ويدينون بدينهم – كما يظهر للناس - إلا أنهم دعاة إلى أبواب جهنم, من أطاعهم قذفوه فيها, قلوبهم قاسية, ونفوسهم مظلمة, وعقولهم خاوية.
· ساسوا الناس بالحديد والنار, وحكموهم بالظلم والطغيان, بدَّدوا الثروات, وضيَّعوا المدَّخرات, حتى قال قائل العرب: » سلام الله على الاستعمار «.
· لقد عاش المسلمون في ظلِّ هؤلاء الظلمة أسوأ فترات تاريخهم الحديث : حُرموا شريعتهم, التي كانت مصدر خيرهم وسعادتهم.
· حُرموا من ثرواتهم الاقتصادية ، حتى أصبح المسلمون من أفقر الناس في العالم.
· حُرموا من الوحدة التي كانت رمز قوتهم وعزهم, حتى أصبحوا دولاً مبعثرة متناحرة ، مختلفة فيما بينها.
· حُرموا من الاستفادة من طاقاتهم العقلية والعلمية ، حتى أصبحوا في ذنب قافلة التقدم الحضاري.
· حُرموا من الاستمتاع بأخلاقهم الإسلامية حين مُكِّن للكفار من غزوهم في أخلاقهم ، وآدابهم الاجتماعية.
· لقد فعل دعاة جهنم في أمتهم من الظلم والفساد ما لم يفعله التتار على همجيتهم ، ولا المستعمر الصليبي على حقده وطمعه.
· لقد تمسَّحوا بالدين زمناً, وبالقومية العربية والتقدمية زمناً آخر, ويتنادون الآن بالديموقراطية والحرية , وهكذا يستخفُّون بشعوبهم.
· لقد خدعوا شعوبهم, بالآمال الزائفة, والأماني الكاذبة, وبان بعد ذلك المكنون ، واتضحت الحقيقة.
· لقد انكشفت الخيانة والخداع, واتضح أنهم أناس من أحقر طبقات الناس ، يتمنى أحدهم الحياة بأيِّ ثمن ، ولو كان ذلك في جوف قبر في مزرعة نائية.
· إن صفة حب الحياة وإن كانت حقيرة ذليلة هي صفة لليهود ، فقد قال الله تعالى عنهم : ) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ (.
· لقد قضى الطاغية الظالم وطره من هذه الأمة ، فلم يترك باباً من أبواب الظلم إلا دخله : الدماء ، والأموال ، والأعراض.
· فأيُّ قانون في الأرض يمكن أن يردَّ للمظلومين حقوقهم من هذا الطاغية ؟ فلو كانت له ألف نفس ، فقتلت نفساً نفساً ، لما وفَّى ما عليه من حقوق العباد , فكيف بها وهي نفس واحدة.
· لن يستطيع أحد أن يستوفي حقوق المظلومين من أمثال هذا الطاغية إلا الله ، في يوم تشخص فيه الأبصار, حين يُقال للظالم :اسكت، ويُقال للمظلوم : تقدم, » إن الله ليملي للظـالم حتى إذا أخــــذه لم يُفلته «, ) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَــيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَـابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (, ) وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ (.
^ ^ ^
· أيها المسلمون : إن من المؤلم أن يأتي الكفار إلى بلاد المسلمين زاعمين أنهم يقيمون الحق, ويحقِّقون الحريات, ويُؤدِّبون الظلمة.
· أليس في أمة الإسلام قوة تأخذ بها على يد الظالم, بدلاً من أن يتولى الكفار ذلك, فيستغلوا هذه الفرصة لتحقيق أهدافهم.
· لقد أمرنا الله أن نتعاون على البر والتقوى, لقد أمرنا الله أن نؤدِّب الفئة الباغية, وأمرنا أن نقول للظالم : يا ظالم, وأمرنا أن نأخذ على يده, فنمنعه من الظلم، ولكن أين الواقع المعاصر من هذه المفاهيم الإسلامية ؟
· أيها المسلمون : إن كلَّ ما وقع بالأمة ويقع فيها من الظلم والمظالم إنما هو بما اقترفت يداها, بظلمها لنفسها, وتفريطها في حق الله تعالى.
· ها هي كبائر الذنوب قد عمَّت بلاد المسلمــــــين حتى أعلنوا بها، لا تكاد تخلو بلد منها, حتى إن بعض القبائح الأخلاقية في بلاد المسلمين تفوق ما عند الكافرين في بلادهم.
· فكيف يرفع الله الظلم عن هذه الأمة وهي قابعة في حمئة المعاصي والمنكرات, ) إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ (.
اللهم لا تسلِّط علينا بذنوبنــا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا, برحمتك يا أرحم الراحمين