· لما أيَّد الله المسلمين يوم بدر بنصره، وأعزَّ جنده، وأذلَّ أعداءه : احترق أهل مكة من المشركين غيظاً بهذه الهزيمة، وعزموا على الانتقام.
· تبرع المشركون بالقافلة التي نجت من المسلمين لدعم الجيش المنتقم، الذي يحارب المدينة.
· جمعوا ثلاثة آلف مقاتل من قريش والقبائل التي حولها.
· أبلغ العباس الرسول صلى الله عليه وسلم بعزم قريش، فاستشار أصحابه، فمال الأكثرون للخروج، فدخل ولبس لباس الحرب.
· وفي المدينة أعدَّ الرسول صلى الله عليه وسلم ألف مقاتل، وقسَّم جيشه ثلاثة أقسام: المهاجرين، والأوس، والخزرج، ولكلِّ قسم لواء خاص به.
· جاءت كتيبة من اليهود تريد المشاركة في الدفاع عن المدينة، فردَّهم وقال: »لا نستعين بمشرك « .
· وردَّ الرسول صلى الله عليه وسلم صغار الصحابة ممن لم يبلغ الخامسة عشرة، وأجاز بعضهم لما فيه من القوة ، والقدرة على الرمي.
· تمرَّد عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين ،ورجع بثلث الجيش، وكاد يُوقع في الجيش بلبلة، ولكن الله ثبت المؤمنين.
· وأصبح الجيش سبعمائة مقاتل فقط، ليواجه ثلاثة آلاف من المشركين.
· وسلك الرسول صلى الله عليه وسلم طريقاً أقصر إلى أحد يمر ببني حارثة، فأراد أن يمر ببستان ابن قيظي فأبى وكان منافقاً.
· قال وهو أعمى، ومعه تراب في يده : » لو أعلم أني لا أصيب غيرك لرميته في وجهك «، فأهمَّ به المسلمون ليقتلونه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: » لاتقتلوه فهذا الأعمى أعمى القلب، وأعمى البصر « .
· استعرض الرسول صلى الله عليه وسلم جيشه ، وخصص خمسين لحماية ظهورهم، وأمَّر عليهم عبد الله بن جبير رضي الله عنه، وألزمهم الجبل في كلِّ الأحوال، فلا يتركوا مواقعهم إلا بأمره.
· وأخذ يحمِّس الجيش ، فأخرج سيفاً فقال : من يأخذ هذا ؟ فتقدم الصحابة ، فقال : من يأخذه بحقِّه ؟ فأحجموا ، وتقدم أبو دجانة رضي الله عنه فأخذه بحقه.
· أبو دجانه رضي الله عنه يُخْرِج عصابته الحمراء، التي قد عُرف بها ، ويتخذ مشْية استعلاء وتكبُّر بين الصفين.
· خرج المشركون بعدد من النساء لتحميس الجيش، منهن هند بنت عتبة، التي أوكلت وحشياً لقتل حمزة رضي الله عنه ليكون بذلك حراً.
· كان أول وقود المعركة أن تقدم صاحب لواء المشركين طلحة بن أبي طلحة للمبارزة، فخرج له الزبير رضي الله عنه وقفز على جمله وقتله.
· ثم نشبت الحرب، وحاول المشركون رفع لوائهم والمسلمون يضربون كلَّ من يرفع اللواء ، حتى قُتل عشرة من بني عبد الدار في رفع اللواء.
· لم يستطع أحد أن يرفع اللواء، وتقدَّم أبو دجانة رضي الله عنه بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب المشركين، ويشق صفوفهم شقاً، حتى وصل إلى هند بنت عتبة ، فكفَّ عنها ، يُعز سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل النساء.
· وقاتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه يومها قتالاً عظيماً، إذْ حانت منه لحظة اختل فيها توازنه فعالجه وحشي برمحه فمات شهيداً.
· ورغم مقتل حمزة رضي الله عنه فقد كانت المعركة مع المسلمين، حتى هُزم المشركون، وبدأ المسلمون في جمع الغنائم، فرأى أهل الجبل ذلك فنزل غالبهم.
· انتهز خالد بن الوليد هذه الفرصة، فاستدار حول الجبل، وقتل من بقيَ عليه، وأخذ في أعقاب المسلمين يقتلهم، ونادوا المشركين الفارين أن عودوا.
· طوَّق المشركون المسلمين من الأمام ومن الخلف، حتى ارتبكوا وأخذوا يضربون بعضهم بعضاً.
· ثبت الرسول صلى الله علية وسلم ومعه خمسة عشر رجلاً، وكان أقرب الناس للعدو ، لفرط شجاعته عليه الصلاة والسلام.
· ونادى المنادي بأن محمداً قد قُتل، فاختل توازن الجيش، وأُسقط في أيدي كثير من المسلمين.
· وأحاط المشركون بالرسول صلى الله عليه وسلم يضربونه بالسيوف والنبل، كأنها المطر، والله يصرف عنه، ويعصمه من الناس.
· وكانت فرصة للمشركين حين لم يبقَ مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلا اثنان، فأخذوا يقذفونه بالحجارة حتى سقط في حفرة، وشُجَّ وجُرح وانكسرت رباعيته في سبيل الله.
· ثم تجمَّع الصحابة حول الرسول صلى الله عليه وسلم عند سفح الجبل, يحوطونه حتى لا يصيبه النبل.
· قاتلت يومها أم عمارة نُسيبه بنت كعب رضي الله عنها حتى ضربها ابن قمئه على عاتقها، فجرحها جرحاً بليغاً.
· باءت كلُّ محاولات المشركين بالإحباط في الوصول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذوا ينتقمون من الشهداء في التمثيل بهم ، وتشويه جثثهم.
· وفي نهاية المعركة ذهب المشركون، وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم الشهداء فدفنهم، وعاد إلى المدينة.
^ ^ ^
· أيها المسلمون : يخلص المطَّلع على هذه الغزوة العظيمة ، وأحداثها الجسيمة بفوائد وحكم وعبر منها :
· إنَّ هذه الغزوة كشفت مسالك المنافقين, وأساليبهم في تثبيط المؤمنين، وخلَّصت – في الوقت نفسه - الجيش منهم، ومن أذاهم.
· حنكة الرسول صلى الله عليه وسلم وفطنته في اختيار المكان المناسب، وجعل الجبل خلفه، فهي الخطة المحكمة.
· تأييد الله للمؤمنين حين كانوا طائعين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم فانتصروا في أول الأمر.
· مخالفة البعض كافية لهلاك الجميع وحصول الهزيمة؛ حين خالف أربعون فقط من السبعمائة هُزم الجميع.
· بطولة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وشجاعتهم وكفاحهم، وعظيم حبِّهم للرسول صلى الله عليه وسلم.
· لابد من الابتلاء والجراح والآلام فإنها خير للمسلمين بنيل الشهادة في سبيل الله.
· ايها المسلمون : إن من أعظم العبر والحكم التي تستوقف المسلم في هذه المعركة الحاسمة : أن مخالفة واحدة أخَّرت النصر ، فكيف يريد المسلمون اليوم بكل مخالفاتهم – التي لا حصر لها – أن يحصلوا على النصر والتمكين ؟ !!