· إن المتأمِّل في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد أن السلام جزء أصيل وعميق في مبادئ هذا الدين الحنيف.
· لقد جاء الإسلام بتحقيق السلام على مستوى الفرد، وذلك براحة ضميره، وسكون نفسه، من خلال سلامة عقيدته، وحسن مسلكه، فهو في سلامٍ مع نفسه.
· وجاء بالسلام للبيت من : خلال عمق الرابطة الزوجية، وحفِّها بالرحمة والمودة، لضمان سلامة نمو الأطفال بلا توتر، ضمن استقرار أسري سليم.
· وجاء بالسلام للمجتمع في روابط الأفراد فيما بينهم، والتعاون، والتكافل، والعدل, والتوازن بين الفرد والمجتمع، وإشاعة الخلق الحسن.
· وجاء الإسلام بعد هذا بالسلام للعالم ، من خلال دين يسمح للجميع بالاحتفاظ بعقائدهم ، وبممارسة شعائرهم، ويمنع الظلم عنهم والعدوان، ويُلزم أهله بالوفاء بالعهود، والمواثيق الدولية والمحلية، فلا استغلال، ولا اضطهاد، ولا ظلم.
· لقد جاء هذا الدين ليقول لأتباعه: ) وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ( .
· ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: »لا تتمنَّوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية « .
· وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول عن حلف الفضول الذي عقدته قريش في الجاهلية لدفع الظلم ونصر المظلومين: »لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحبُّ أن لي به حُمرَ النَّعَم، لو أُدعى به في الإسلام لأجبت « .
· والناظر في سيرته عليه الصلاة والسلام يجد تقديمه للسلام على القتال واضحاً في مناسبات كثيرة ، فقد صالح وهادن كلَّ من رغب في ذلك من أعدائه، ولم يقاتل منهم إلا من قاتله، أو نقض العهد، أو عزم على القتال.
· يكفي في ديننا أن ربَّنا هو السلام .
· أيها المسلمون: إن السلام هو الأصل في التعامل مع الآخرين، والحرب استثناء وضرورة.
· والشريعة الإسلامية لا تحبذ الحرب ولا تُرغِّب فيها، إلا حين تضيق السبل، ولا يتحقق العدل والقسط إلا بها، فعندئذٍ تكون الشهادة أسمى ما يطلبه المسلم.
· إن الحرب شيء مؤلم، إنها الجراح، إنها التدمير، إنها الترمُّل للنساء، واليُتْمُ للأطفال، إنها الفقر، إنها جهد إعادة البناء، لهذا لا يُحبُّها الإسلام.
· ولكن إذا ضاق الأمر على المسلمين، وكان العدوان، وكانت الفتنة في الدين، فليس شيء حينئذ أسمى وأفضل من الموت في سبيل الله.
· ) وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ( ، ) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ( ، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ ( ، ) وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً(، ) انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُـمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ( ) قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ( ، ) قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً ( .
· لقد شرع الإسلام القتال دفاعاً عن العقيدة، وإحقاقاً للحق، ودفعاً للظلم والبغي، لقد شُرع القتال لإخراج العباد من العبودية لغير الله، إلى العبودية له سبحانه وتعالى.
· إن الحرب في الإسلام لا تحرِّكها رؤوس الأموال، ولا الرغبة في الاستغلال والاستعمار، ولا الأهواء الشخصية ، ولا الانتخابات الرئاسية، ولا الأمجاد الفردية الزائفة، وإنما تحرِّكها الرغبة الخالصة لأن تكون كلمة الله هي العليا.
· إن الإسلام يمنع كلَّ أسباب الحرب التي تُثيرها القومية أو العصبية أو الحزبية، أو الأهداف الاقتصادية، أو البطولات والأمجاد الشعوبية.
· لقد سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يُقاتــل للذكر، والرجلُ يقاتل ليُرى مكانُه، أيُّ ذلك في سبيل الله ؟ فقال علية الصلاة والسلام: » من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله « .
· أيها المسلمون : إن النفوس البشرية التي لم تتهذب بالإيمان، ولم تعرف التوحيد الخالص: إذا تسلَّطــت فإنها تُهلك الحرث والنســل، ولهذا لا بد أن يكون في الأرض سلطة عادلة قوية: ترد الشارد إلى الحق، وتُؤدِّب السفهاء، وتوقف البغاة عند حدودهم، وليس أحدٌ مؤهَّل لهذا الحق، والقيام به : إلا أهل الرسالة الخالدة, حين يأخذون دينهم بقوة ، فيمكِّنُ الله لهم في الأرض، وعندها فقط يكون السلام.
^ ^ ^
· إن واقع التدافع بين الأمم سنةٌ ماضية منذ أول الدهر، وتحقيق السلام الدائم على أيدي الكفار أمر مستحيل ومُستبعد.
· فالعدل ليس من طبيعة الكفار؛ لأنهم ينطلقون في الغالب من مصالح ضيقة ، وليس من مبادئ عادلة ، فالمصلحة القاصرة دينهم الذي يعظمونه.
· ولهذا تجدهم في تعاملهم مع الشعوب يكيلون بمكيالين مختلفين، في الوقت الذي يعلنون فيه بكل وقاحة عن مبادئ الحق والعدل والمساواة دون حياء.
· إن كفار اليوم هم كفار الأمس، لم تتغير إلا الأسماء والصور، أما الحقيقة فواحدة: ) وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ (.
· أيها المسلمون : إن الواجب في الظروف الصعبة التي تحياها الأمة اليوم، ولا سيما في منطقة الخليج يحتِّم على المسلمين وحدة الصف، والتعاون فيما بينهم، والانطلاق من قرارات مشتركة.
· لابد من توحيد الصفوف، والتكاتف، والتلاحم الصادق بين الراعي والرعية ، والنصح الخالص لولاة الأمور في بلاد المسلمين.
· لا بد من التوبة الصادقة، والرجوع إلى الله تعالى، ودعم إخواننا المجاهدين في ثغور الإسلام، ولاسيما في فلسطين فهم خطُّ الدفاع الأول الذي أشغل اليهود عن التوسع.
· ثم اعلموا أنه لا سلام بلا إسلام، والكفر ملَّة واحدة، والخلاف بين الكفار اليوم خلاف مصالح، وليس خلاف مبادئ ، فلا سلام بلا إسلام.