· تختلف طاقات الناس إلى المسارعة في الخيرات والأعمال الصالحة, فمنهم من يميل إلى الصلاة, ومنهم من يميل إلى الذكر, ومنهم من قد يميل إلى الصدقة، ومنهم من يميل إلى الصيام وهكذا.
· وقد جاء هذا الدين بالشمول ليستوعب كلَّ طاعة صالحة عند كلِّ إنسان مؤمـن؛ لينال بها مرضاة الله تعالى.
· ومن الأبواب التي فتحها الله لعباده للأجر والثواب : باب الإحسان إلى الناس.
· فقد فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب الخير للإحسان إلى الناس فقال: »على كلِّ مسلم صدقة ، قيل : أرأيت إن لم يجد ؟ قال: يعتمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق, قال : أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يُعين ذا الحاجة الملهوف (المستغيث) ، قال : قيل له : أرأيت إن لم يستطع ؟ قال : يأمر بالمعروف والخير, قال : أرأيت إن لم يفعل؟ قال: يُمسك عن الشر فإنها صدقة«.
· وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : » أربعون خصلة أعلاها منيحة العنز، ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها ، وتصديق موعودها : إلا أدخله الله بها الجنة «.
· وقال أيضاً : »لا تحقرنَّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلْق « ، يعني فيه البشاشة والبشْر.
· وقال أيضاً : » الساعي على الأرملة والمسكـين كالمجاهد في ســــــبيل الله، أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل «.
· وقال أيضاً : » أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم, وأحبُّ الأعمال إلى الله عز وجل سرورٌ تدخلُهُ على مسلم «.
· وقال أيضاً : » لقد رأيت رجلاً يتقلَّب في الجنة في شجرة قطعها من طريق المسلمين ، كانت تؤذي الناس «.
· قال أبو برزة رضي الله عنه : » يا نبي الله علمني شيئاً أنتفع به ، قال: اعزل الأذى عن طريق الناس «.
· قال الرسول صلى الله عليه وسلم في شأن الدعوة إلى الله : » من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثلُ أُجور من تبعه ، لا ينقص من أجورهم شيء «.
· قال الرسول صلى الله عليه وسلم في جانب آخـر من الإحســان : » أنا وكافل اليتيم في الجنة«، وأشار بالسبابة والوسطى.
· وقال أيضاً : » الكلمة الطيبة صدقة «.
· وقال : » من سرَّه أن يُبسط له في رزقه ، ويُنسأ له في أثره (أي يُبارك له في عمره) فليصل رحمه«.
· وقال : » ما من مسلم يغرس غرساً ، أو يزرع زرعاً، فيأكــــل منه طيرٌ ، أو إنسانٌ ، أو بهيمةٌ ، إلا كان به صدقة «.
· كان رجل يداين الناس ، فيأخذ من الموسر ، ويتجاوز عن المعسر, وكان يقول : لعلَّ الله يتجاوز عنا, فلقيه الله فتجاوز عنه.
· أيها المسلمون : لم تكن هذه التوجيهات الإسلامية لتذهب سدىً، فقد وجدت صداها في نفوس السلف وفي أعمالهم.
· قال عثمان بن عفان رضي الله عنه يخبر عن حال الرسول صلى الله عليه وسلم معهم : » إنا والله صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر ، وكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا, ويواسينا بالقليل والكثير «.
· وكان أبو بكر رضي الله عنه يحلب لبعض بيوت الحي ، فلما وُلِّيَ الخلافة قالوا : لن يفعل ، فما زال يفعل ذلك حتى بعد الخلافة.
· وكان عمر رضي الله عنه يستقي للأرامل بالليل, وكان يدخل على عجوز عمياء مقعدة في طرف المدينة يكنس لها بيتها.
· وكان حكيم بن حزام رضي الله عنه إذا مرَّ عليه يوم لم يخدم فيه أحداً ، ولم يقض حاجة أحدٍ : عدَّ ذلك اليوم من المصائب التي يحتسبها عند الله.
· وكان بعض السلف يمرون على الحي والمحتاجين فيه ، فيقول أحدُهم : » هل لكم من شيء من حاجة إلى السوق ؟« ، يخدمونهم لما يعلمون من حاجتهم ، وليس لهم من يخدمهم.
· وكان إبراهيم بن أدهم يقف بعد العشاء في الحي ينادي : » من يريد أن يطحن ؟ « ، فتخـرج له العجوز بالقفـة ، والرجل الكبير فيطحن لهم.
· أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (.
^ ^ ^
· أيها المسلمون : إن الإحسان إلى الناس باب من أوسع أبواب الخير التي فتحها المولى لعباده ، يحسن بعضه إلى بعض, فيغفر الله لهم.
· إن الله عز وجل يرحم الرجل حين يحسن إلى الكلب فيسقيه ، فكيف بالإحسان إلى المسلمين لاسيما في هذا الزمان الصعب ؟
· ولكن العجب كلُّ العجب من أناس قد أظلمت قلوبُهم, واسودَّت عيونهم فلا يفعلون الخير ، بل يسعون في الشر والباطل ، وصدِّ الناس عن الخير.
· فترى أحدهم يسعى في إيذاء أخيه المسلم بغير الحق: يأكل ماله, يضرب بشرته, يشتم عرضه , يؤذي نساءه, يعطِّل معاملته.
· ومن الناس من يسعون في المسلمين بنشر الباطل : من الأفكار الهدامة ، والمذاهب الباطلة, ويسعون بالفساد في الأرض.
· إن أدنى مراتب الوجوب في الإحسان إلى الناس أن تكفَّ شرَّك عنهم، وهذا أقل ما يقوم به المسلم.
· إن الذي لا يستطيع أن يكفَّ شره عن الناس فهو في أخبث المنازل, وأقبح المقامات.
· يقول الله تعالى: ) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (.