· تحتل الأخلاق الإسلامية ساحة كبيرة من التوجيهات القرآنية والنبوية.
· ولئن كانت العقيدة صورة الإنسان الباطنة ؛ فإن الأخلاق هي صورة الإنسان الظاهرة.
· إنه لا فصل بين العقيدة والأخلاق، ففي الحديث : » أكمل المؤمنـين إيماناً أحسـنهم أخلاقاً « ، » من كان يؤمن بالله واليوم الآخر : فلا يؤذِ جاره « ، » من كان يؤمن بالله واليوم الآخر : فليقل خيراً أو ليصمت «.
· من التوجيهات القرآنية في تعظيم شأن الأخلاق قوله تعالى:
) وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا (.
· ومنها أيضاً: ) وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (.
· ومنها أيضاً: ) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (.
· ومن التوجيهات النبوية في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : »إن المؤمن ليدرك بحسن خُلقه درجة الصائم القائم «.
· ومن هذه التوجيهات النبوية أيضاً : » اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن «.
· وسُئل الرســول صلى الله عليه وسـلم: » ما أكثر ما يدخلُ الناس الجنة ؟ قال : تقوى الله، وحسن الخلق «.
· وكان عليه الصلاة والسلام يقول: » ألا أخبركم عمن تحرم عليه النار؟ تحرم النار على كلِّ قريب هين سهل «.
· ويقول أيضاً: » لا تحقــرنَّ من المعروف شــــيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلْق «.
· ويُعلن عليه الســـلام رافعاً شأن الأخلاق ، ومعلياً من مكانها يقول: » إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق «.
· ولقد كان واقع حياة النبي صلى الله عليه وسـلم صورةً كاملة عظيمة من التطبيق الواقعي للأخلاق القرآنية والنبوية.
· فهذا أنس رضي الله عنه يقــول : » والله لقد خدمتــه تســـع سـنين ما علمت قال لشيء صنعت : لم فعلت كذا وكذا، ولا لشيء تركت : هلا فعلت كذا وكذا « .
· وقد كان أنس رضي الله عنه طفلاً حين جاءت به أمُّهُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، يصدر عنه ما يصدر عن الأطفال من الخطأ.
· يروي أنسٌ رضي الله عنه موقفاً من مواقف أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله معه فيقول : » كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً ، فأرسلني يوماً لحاجة ، فقلت : والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني نبي الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فخرجت حتى أمرَّ على الصبيان وهم يلعبون في السوق ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قابض بقفاي من ورائي فنظرت إليه وهو يضحك، فقال : يا أنيس اذهب حيث أمرتك . قلت : نعم أنا أذهب يا رسول الله «.
· وكان عليه السلام: لا يبخل بشيء، ولا يعيب الطعام، ولا يضرب أحداً، يصبر على الجاهل والجافي، ويسلِّم على الصغار ويقبِّلُهم، وربما بال على ثيابه الصغير، ولا ينزع يده من مصافح، ولا يصرف وجهه عن مخاطب.
· كان كما قالت عائشة رضي الله عنها : » كان خُلقُه القرآن «, يعني يتمثــل ويتقيد بتوجيهات القرآن ، وصدق الله العظيم حيث يقول عنه :) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ( .
· ولقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين وغيرهم على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمثل الأخلاق ، والعمل بها.
· فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدخل عليه عيينة بن حصن فيقول: » هي يا بن الخطاب والله لا تُعطينا الجزل ، ولا تحكم فينا بالعدل « ، فلما أراد أن يبطش به قال له أحد جلسائه : »إن هذا من الجاهلين, وإن الله يقول: ) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ« (.
· وهذا سالم بن جنادة يحكي عن وكيع قال: » جالست وكيعاً سبع سنين فما رأيته بزق, ولا مسَّ حصـاةً, ولا جلس مجلــساً فتحرك, وما رأيته إلا مستقبل القبلة «.
· وهذا الإمام ا لمبجَّل أحمد بن حنبل كان يجتمع في مجلسه الذي يحدِّث فيه زهاء خمسة آلاف, خمسمائة شخص يكتبون عنه, والباقون يتعلمون منه حسن سمته وأدبه.
· وقال أبو بكر المطوعي: » اختلفت إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل ثنتي عشرة سنة ، وهو يقرأ المسند على أولاده ، فما كتبت عنه حديثاً واحداً، وإنما كنت انظر إلى هديه وأخلاقه «.
· وكان الموفق الحنبلي لا يناظر أحداً إلا وهو يبتسم, وكان عبد الله بن عون لا يغضب, فإذا غاضبه أحد قال : » بارك الله فيك «.
· وأعجب من هذا أن يخرج أحدهم على دابته سفراً طويلاً ، فلا يزجرها ، ولا يضربها ، فقد كان علي بن الحسين رضي الله عنهما يسافر إلى مكة فلا يضرب دابته.
· وكان صالح بن كيسان في منزله يكسر للقطط الطعام ، ويفتُّ للحمام.
· أيها المسلمون : إنها الأخلاق حين تمتزج بالعقيدة ، فتنعكس على واقع الحياة بما يُشبه الخيال.