· بالأمس القريب كنا يُهنئ بعضنا بعضاً بقدوم شهر رمضان, ونحن اليوم نودِّعُهُ.
· لقد مضت أيامُهُ سريعة عند محبيه, بطيئةً عند مبغضيه.
· ذهب الشهر يشهد لأهل الخير والاجتهاد, ويشهد على أهل الشر والفساد.
· إن ذهاب رمضان يؤلم الصالحين ؛ لما يفُوتُهم من عظيم الأجر والثواب الذي لا يكون إلا في رمضان.
· لقد عاش المسلمون شهر رمضان على غير عادتهم في الأشهر الأخرى, وغيَّروا كثيراً من عاداتهم وأعمالهم, وهذا يدل على أن لرمضان أثره في حياة الناس.
· فمن اعتاد خيراً فليستمر عليه, ومن أقلع عن خطأ فليثبت على ذلك: التزام الصلاة في المساجد, الصدقة والحرص عليها, بذل الطعام للمساكين, والإقلاع عن التدخين.
· أيها المسلمون : إن المغبون الخاسر من دخل عليه رمضان وخرج دون غنيمة يكسبها، لا يعرف معنىً لرمضان.
· صعد الرسول صلى الله عليه وسلم المنبر ، وكلَّما رقيَ عتبة قال آمين، حتى قالها ثلاثاً ، فسأله الصحابة عن قوله آمين ؟ فقال : » إن جبريل عليه السلام أتاني ، فقال : من أدرك شهر رمضان فلم يُغفر له ، فدخل النار فأبعده الله ، قل آمين ، فقلت : آمين «.
· أيها المسلمون : إن الثمرة الحقيقية للصيام هي التقوى, بحيث تطهر هذه العبادة القلب, ثم تنعكس بعد ذلك على الجوارح استقامة في السلوك.
· فكيف يسوغ للعابد الصائم القائم أن يتحول بعد رمضان إلى عاصٍ مفرِّط ظالم ؟
· وكيف يسوغ له أن يتحول من الصلاة والقيام إلى الفواحش والمنكرات, ومن الإمساك عن الطعام والشراب إلى أكل أموال الناس بالباطل, ومن سماع القرآن والذكر إلى سماع الغناء والمزامير, ومن المساجد إلى الملاهي ؟
· إن علامة قبول الصيام والقيام : الاستقامة بعد رمضان.
· إن الشهور والأيام والدقائق واللحظات كلَّها مواقعُ وأزمنة لطاعة الله تعالى: ) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (.
· جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: » قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك, قال: قل آمنت بالله فاستقم «.
· وقد كان السلف إذا آمنوا استقاموا، فهذا عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه لا تُعرف له خطيئة بعد إسلامه.
· وهذا ابن عون قال عنه خارجة بن مصعب: » صحبت ابن عون أربعاً وعشرين سنة فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة «.
· أيها المسلمون : ولئن كان المفرِّط في هذا الشهر على خطر عظيم: فإن المتعاظم المفتخر بعمله في هذا الشهر على خطر أعظم ، فهو معرَّض لحبوط العمل ، وذهاب ثوابه.
· فليعلم أهل الطاعة أنه ) إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (.
· كم من عمل صالح أحبطه الرياء والسمعة, وكم من نفقة ضاع ثوابها بالشهرة والمفاخرة.
· ثم إن من وفِّق إلى طاعة فإن الفضل فيه لله وحده, ومن خُذل عن الطاعات فإنما هو مكرٌ مكر الله به.
· فاتقوا الله أيها الناس واجتهدوا في مرضاة ربكم فكلٌ مُيسَّرٌ لما خلق له.
^ ^ ^
· أيها المسلمون : ليس العيد بلبس الجديد ، وإنما هي فرحة المؤمن حين أتمَّ الشهر ، وأكمل العدَّة.
· إن فرحة العيد قد تسوق بعض الناس إلى أخطاء كبيرة لا تليق بمن صام رمضان وقامه.
· ومن هذه المظاهر الخاطئة التي يقع فيها بعض الناس في العيد:
· التبذير في الإنفاق على المآكل والملابس والمنتزهات.
· تبرج النساء وخروجهن في الزينة، يختلطن بالرجال.
· حضور مواقع اللهو والاختلاط والملاهي.
· استخدام المفرقعات وصرف المبالغ فيها.
· إن المطلوب من الصائم على الحقيقة:
· الحرص على إخراج زكاة الفطر للمستحق.
· التكبير في ليلة العيد.
· الحرص على صلة الأرحام ولو بالسلام وفي الحديث: »بلُّوا أرحامكم ولو بالسلام«.
· التوسعة على العيال ، وإدخال البهجة عليهم ضمن حد الشرع والعدل.
· الحرص على صيام ستٍ من شوال.
· وبعد ذلك وقبله ينظر الصائم في قلبه: هل أثَّر الصيام فيه استقامة, هل تقبل الله منه, هل غُفر له ما تقدم من ذنبه؟
· إن التفكر في مثل هذه المسائل ربما كان أفضل بكثير من الأعمال.