· لقد جُبلت النفس على الحزن والألم حين تودِّع عزيزاً ، عليها أو حبيباً لها.
· ولقد استقر بالشرع والعقل: أن لكلِّ بداية نهاية, وأنَّ لكلِّ مخلوق خاتمة, ولن يبقى إلا وجه الله الكريم.
· لقد استقبل المسلمون شهر رمضان بالفرح والتهنئة, ولم يلبثوا طويلاً حتى ختموه, وانقضت أيامه سريعة متتابعة .
· لقد غادر الشهر إلى ربِّه, ولن يعود رمضان هذا العام إلى يوم القيامة, حين يلقى العبد عمله من خير أو شر.
· لقد فرح المسلم الصائم بفطره حين أفطر, وهو ينتظر وعد الله بالفرحة الكبرى بالصيام حين يلقى ربه عز وجل.
· لقد أوشك الصائم أن يُلقي عناء الدنيا خلفه ليزدحم مع الصائمين والصائمات على باب الريان.
· لقد أمره ربُّهُ بالصيام فصام, وحثَّهُ الرسول صلى الله عليه وسلم على القيام فقام, حفظ صيامه من اللغو والرفث, والفحش والباطل فهنيئاً له الأجر والثواب والقبول عند الله تعالى .
· لقد استجاب الصائم الصالح لداعي الخير حين ناداه : يا باغي الخير أقبل, ويا باغي الشر أقصر.
· لقد أيقن أن رمضان شهرُ غنيمة وتجارةٍ رابحة, فشمَّر عن ساعد الجد, وشدَّ المئزر, وأقبل على الطاعة ينهل منها .
· لقد عزم بصدق على التوبة النصوح, حين علم أن رمضان أرجى الأيام لقبول التوبة ، وحصول المغفرة.
· لقد كان بينه وبين الناس حقوقٌ ومظالم فأدَّاها, وبينه وبين الله أشياءُ وذنوبٌ فتاب منها.
· إنه ينتظر يوم الجائزة في نهار العيد, حين يُقال: امضوا مغفوراً لكم.
· أيها المسلمون : شخص أسرف على نفسه بالمعاصي والمنكرات, فلا صلاة ولا صيام, ولا عمرة ولا قيام ، حتى إذا كانت آخر ليلة من رمضان : تاب فقبله الله.
· ما الذي يحول بينه وبين رحمة الله, من هذا الذي يستطيع أن يمنع رحمة الله أن تنزل على عبد مسرف على نفسه ؟
· لقد كان هذا الشخص المسرف على نفسه على موعد مع آخر ليلة من رمضان ، التي يُعتق الله فيها من النار بقدر ما أعتق طوال الشهر.
· ) قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (.
· ) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (.
· ) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (.
· يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: » لو أخطأتم حتى تبلغ السماء ثم تبتم : لتاب الله عليكم «.
· ويقول أيضاً: » كلُّ ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون«.
· ويقول أيضاً : »التائب من الذنب كمن لا ذنب له «.
· ويقول أيضاً: » من تاب قَبْل أن تطلع الشمس من مغربها : تاب الله عليه «.
· ويقول أيضاً: » إن من قِبَلِ المغرب لباباً مسيرة عرضه أربعون عاماً أو سبعون سنة، فتحه الله عز وجل للتوبة يوم خلق السماوات والأرض، فلا يُغلقه حتى تطلع الشمس منه «.
· فاجتهدوا أيها المسلمون في التوبة, واحرصوا عليها, فإن رحمة الله واسعة, والشقيُّ من لم تنله رحمة الله الواسعة.
^ ^ ^
· أيها المسلمون : إن المشكلة لا تكمن في صدور المعصية عن المسلم ، ووقوع الخطأ منه ، وإنما تكمن في الإصرار على المعاصي والأخطاء ، وتشرُّب القلب لها.
· وإن الإنسان ليتعجَّب من أناس لم تعد المعصية خطأً يقعون فيه ثم يُقلعون ويتوبون , وإنما أصبحت المعصية جزءاً أصيلاً في حياتهم، يُصبحون عليها ، ويُمسون عليها.
· فكم من أناس لا يُقلعون عن ظلم الناس واضطهادهم في رمضان وفي غير رمضان، لا رحمة في قلوبهم ولا شفقة.
· وكم من أناس لا يتورَّعون عن أكل الحرام من السرقة والربا والرشوة والاختلاس ونحوها من القبائح ، فلا يعني لهم رمضان شيئاً.
· وكم من أناس ربطوا أرزاقهم بالملاهي والطرب ودور الدعارة والمراقص, يقدِّمون الحرام في رمضان لا يستحيون من الله ، ولا من عباد الله .
· وأما وسائل الإعلام فقد عزم القائمون عليها أن يُزيلوا أثر شهر رمضان من نفوس الصائمين أولاً بأول, حتى إنهم من قلَّة حيائهم يُعلنون عن برامجهم القبيحة في رمضان تحت عنوان: » الشاشة الأفضل للشهر الفضيل «.
· ولئن كان هؤلاء قد عزموا على الباطل وتشربوا بالفساد: فأين الصائمون الذين عزموا على الحق, ورفضوا الباطل.
· ألا يستحيي الصائم القائم أن يعكُف على برامج تلفزيونية وفضائية، أقلُّ ما يُقال فيها أنها تافهة ، فكيف بما هو منكر من القول والفعل ، في صور من الفساد الخُلُقي والسلوكي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
· اللهم كما بلغتنا صيام رمضان وقيامه فأسعدنا بالقبول يا ربَّ العالمين, اللهم تسلم منا شهر رمضان صالحاً خالصاً لوجهك الكريم.