· لقد قضى المولى عز وجل على هذه الدنيا بالزوال, إلا أنه جعل لزوالها علاماتٍ تدل على قرب الفناء كما قال عز وجل : ) فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا (, يعني علاماتها.
· ومن علامات الساعة التي ظهرت: بعثة
· وقد ارتبط بهذه العلامات طابع الفتنة في الغالب كموت النبي صلى الله عليه وسلم ، وحرب الصحابة، فإن الأصل في خلقة الإنسان هوالابتلاء.
· إلا أن هناك فتنةً هي أعظم هذه العلامات، وأجلُّها على الإطلاق، حذَّر منها النبي صلى الله عليه وسلم ، وبيَّن أنَّه لا ينجو منها إلا القليل.
· إنها فتنة المسيح الدجال، الأعور، الكذاب، اليهودي، يخرج ما بين الشام والعراق، فيعيث في الأرض فساداً.
· لقد حذَّر الأنبياء جميعاً من فتنته، إلا أنه خارج قطعاً في هذه الأمة، فلا بد من الثبات.
· يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن عظيم فتنة: » مابين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال «، وما ذاك إلا لأنه منبع الكفر والضلال.
· يخرج هذا الخبيث في أول أمره يدعو إلى الصلاح والإصلاح كما هي عادة غالب الدجَّالين، حتى إذا مال إليه الناس : ادَّعى النبوة، ثم ادَّعى الربوبية.
· ولما كان نهجه التدجيل والتمويه : يخرج ومعه مثل جنة ونار، فجنته نار ، وناره جنة.
· يطوف الأرض كلَّها، فيدخل على الجماعات والناس فمن آمن به: أنزل لهم المطر، وأنبت لهم الزرع، بأمر الله تعالى، ومن خالفه أصابه القحط ، وضاق عليه أمره.
· أكثر أتباعه اليهود والنصارى والنساء.
· فاليهود يعتقدون خروجه وينتظرونه، فيبلغون بخروجه قمَّة طغيانهم في الأرض ، وجمع من النصارى يعتقدون بخروجه أيضاً على أنه عيسى بن مريم عليهما السلام ، ولا يكون ذلك – حسب اعتقادهم- إلا بوجود دولة يهودية في القدس.
· ولهذا لا يستغرب المسلم المعاصر مسارعة الغرب الصليبي في دعم الكيان الصهيوني رغبة منهم في سرعة خروجه حسب زعمهم.
· إن من عظيم فتنة هذا الخبيث أنه يخرج في زمن ينتشر فيه الجهل بالدين، وتكثر فيه المجاعات، والأزمات الاقتصادية، والفرقة بين الناس.
· يخرج في وقت لا يُذكر فيه خبرُهُ على المنابر، فلا يعرف حقيقته إلا جمع من المؤمنين، من أهل الثبات والتقوى.
· ولهذا كان العلماء كثيراً ما ينصحون بذكر أخباره وتعليمها للصبيان, فإنه لا يخرج في زمن قوة الدين ، وانتشار العلم.
· ولهذا لما قيل لحذيفة رضي الله عنه خرج الدجال، قال: » إن الدجال لو خرج في زمانكم لرمته الصبيان بالخذْف, ولكنه يخرج في نقص من الناس, وخفةٍ في الدين, وسوء ذات بين «، فيستغل الخبيث هذه الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لإضلال الناس.
· أيها المسلمون : يخرج هذا الخبيث فيمكث في فتنة الناس أربعين يوماً: يوم كسنة, ويوم كشهر, ويوم كأسبوع, وباقي أيامه كأيامكم هذه.
· وقد جاء في الأخبار أن المؤمنين يفرون منه إلى الجبال, ويربط الرجل زوجته وأولاده حتى لا يتبعوه.
· وتبلغ فتنتُه الأرض كلَّها إلا مكة والمدينة فهما محرَّمتان عليه، إلا أنه يحاصرهما، وتُزلزل فيخرج المنافقون منهما يتبعونه.
· ويخرج له شاب من المدينة هو يومئذٍ خير الناس, فيقول: » أشهد أنك الدجال «, فيقتلُهُ, ثم يُحييه بأمر الله, ثم يقول الشاب: » ما كنت فيك قطُّ أشدَّ بصيرة مني الآن «.
· ومع ثبات هذا الشاب فإن جمعاً من المؤمنين يذهبون لينكروا عليه فإذا بهم يُفتنون به, ولهذا جاءت النصيحة بالهروب منه، وعدم التعرض له.
· أيها المسلمون : إذا وصلت فتنة هذا الخبيث إلى قمَّتها أذن الله بنزول عيسى بن مريم عليهما السلام عند المنارة البيضاء شرقيَّ دمشق بين ملكين، فيصلي خلف المهدي.
· فيلقى عيسى عليه السلام الدجالَ بأرض فلسطين عند باب لُد, فما أن يراه الخبيث حتى يذوبَ كما يذوب الملح في الماء.
· فيقتل عيسى الدجال واليهود الذين معه, والنصارى المؤيدين له, ويكسر الصليب, ويقتل الخنزير, ويدخلُ عندها الناس في الإسلام.
· فيعم الخير الأرض كلَّها، وينتهي الجهاد لعموم الإسلام, ويكثر الخير, حتى يكفي الجماعة الرمانة الواحدة, ويروي القبيلة لبن شاة واحدة.
· ويأمن البشر, وتُسْتأنس الوحوش, حتى لا تطـارد الذئاب الغنم, ولا تنهش الحيات أحداً، وهكذا يظهر الخير بعد الأزمات بسبب الإيمان.
· إلا أن هذا الخير لا يدوم أكثر من سبع سنوات كما جاءت بذلك الأخبار, حتى تعودَ البشرية بالتدريج نحو الضلال من جديد.
^ ^ ^
· أيها المسلمون : إن هذا الخبيث هو أهون من أن يفتن المؤمن الصادق، فهو أعور كأن عينه عنبة طافية, مكتوب بين عينيه كافر, يقرؤها الكاتب والأمي.
· وفي الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: » من لقيه منكم فليتفل في وجهه «.
· أيها المسلمون : من تُراه هذا الذي يستطيع أن يتفل في وجه هذا الفتَّان العظيم ؟.
· أهو الشاب العابث لاعب الكرة, أم هو الرجل آكل الربا,
أم هو المفتون بصور النساء على الشاشات والمجلات, أم هو الهائم في الشوارع ومقاهي الإنترنت, أم هي المرأة المتبرجة الحائرة التائهة.
· إنه لا يصمد لمثل هذه الفتن إلا الصادقون من خُلَّص المؤمنين, فاستعدوا ليوم قريب, فكلُّ آتٍ قريب, وقد كان الصحابة يخافون خروجه، ويحذرون منه، والرسول صلى الله عليه وسلم قائمٌ بينهم، فكيف بنا وقد عمَّ الجهل والفساد ، وكثرت الأزمات، وافترق الناس، فلابد من الاستعداد، والدعاء بالثبات.
) وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ (.