حوار مع : موقع تربيتنا ( القسم الأول )

حوار مع : موقع تربيتنا

( القسم الأول )

        أجرى موقع تربيتنا هذا الحوار التربوي مع الدكتور عدنان حسن باحارث ، أستاذ التربية الإسلامية المشارك بجامعة أم القرى :

1-ما أبرز المحطات في مسيرتك العلمية والعملية ؟

        لعل من أبرز المحطات التي أشعر بأنها كانت أساساً في توجهي العلمي والفكري والسلوكي محطتان ، الأولى : توجهي الواعي نحو التدين في المرحلة الجامعية ، حين كنت مبتعثاً للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية ، فقد حصل لي الوعي بالفكرة الإسلامية بصورة أفضل من ذي قبل ، من خلال الاحتكاك بالعديد من الشخصيات الإسلامية ، والتعرف على كثير من الشباب العربي المسلم ، والاطلاع – من خلال القراءة الواعية - على جوانب أوسع من الثقافة الإسلامية .

         وأما المحطة الثانية في حياتي العلمية والعملية فهي قرار تخصصي في مرحلة الماجستير في مجال التربية الإسلامية ، فقد أتاح لي هذا التخصص المبارك : البحث العلمي الدقيق ، والاطلاع الواسع ، والنظر العميق في مجالات التربية بصورة عامة ، والتربية الإسلامية بصورة خاصة ، إضافة إلى الارتباط الوثيق بالعلوم الشرعية ، التي تأتي أساساً ضرورياً للتربية الإسلامية .


2-ما مشروعك المستقبلي الذي تسعى لإنجازه ؟

                      الآمال كبيرة ، والأماني كثيرة ، ولكن الزمن قصير ، والطاقة محدودة ، ومع ذلك فقد أنجزت بفضل الله تعالى العديد من الكتب والأبحاث العلمية المدونة في خطتي العلمية ، فقد تم نشر ثمانية وعشرين كتاباً وبحثاً ، جلُّها في تخصص التربية الإسلامية ، ولا يزال هنا بعض الأبحاث التخصصية والثقافية التي تنتظر دورها في النشر ، وأخرى تنتظر دورها في الإنجاز ، وما توفيقي إلا بالله .

          وقد تفرغت هذا العام الدراسي لأنجز ثلاثة أبحاث علمية تخصصية في التربية الإسلامية هي :

1.   ضوابط تشغيل النساء - دراسة نظرية في ضوابط مشاركة النساء في ميادين التنمية الاقتصادية العامة في ضوء التشريع التربوي الإسلامي .
2.   مواقف الاختلاط بين الجنسين ودورها في إثارة الغريزة الجنسية في ضوء التربية الإسلامية .
3.   تخصص الفتيات الطبي بين الواقع والمأمول في ضوء التربية الإسلامية .

أسأل الله تعالى التوفيق لنشرها قريباً .


3-ما أبرز الميادين العلمية والمعرفية التي ترى ضرورة الاهتمام والعناية بها ، حتى تسهم بدورها في خدمة أبناء الأمة الإسلامية في وقتنا الحاضر ؟

           أظن أن الأمة الإسلامية في هذا العصر مفتقرة إلى جميع ميادين المعرفة العلمية ومجالاتها المختلفة ، ابتداء بعلومها الشرعية ، ومروراً بالمعارف الطبيعية والكونية ، وانتهاء بأسهل مهارات الحياة العملية ، التي لا يستغني عنها الشخص العادي غير المتخصص ، فالأمة الإسلامية المعاصرة في حاجة إلى كل هذه المعارف والعلوم لإصلاح دينها ودنياها ، فهي في مجملها في حاجة ملحة إلى الفهم الشمولي للإسلام ، في مقاصده وغاياته ، وأصوله وأسسه ، وكلياته وعمومياته ؛ بحيث يعي المسلم العادي دينه بصورة عامة وشاملة ، فلا يخفى عليه ما لا يعذر المسلم بجهله ، فيما يتعلق بأصول العقيدة الإسلامية ، وسلامة أداء الشعائر التعبدية ، بحيث ترتفع عن عموم المسلمين الأمية الدينية ، فيعرفون من الدين ما يحفظ لهم عقائدهم وأفكارهم ومفاهيمهم من الاختلاط، ويمارسون من الشعائر ما يحفظون به أخلاقهم وسلوكهم من الفساد ، إضافة إلى رفع أمية القراءة والكتابة ؛ بحيث لا يبقى في المجتمع المسلم من لا يجيد هاتين المهارتين ، وبرفع هاتين الأميَّتين ، وتخليص المسلمين من آثارهما المدمرة : تكون الأمة الإسلامية قد وضعت نفسها في أول طريق النهضة الحضارية ، وخطت فيه أول خطوة نحو المجد .

         وأما الخطوة الثانية فتحصل من خلال إشاعة مبدأ التخصص العلمي ؛ بحيث ينضوي جملة المتعلمين ضمن تخصصات متنوعة ومختلفة ، تشمل جميع جوانب المعرفة الإنسانية المعاصرة ، فلا يبقى تخصص علمي – نظري أو تطبيقي – إلا وقد شغله المسلمون ببعض أبنائهم ، وبلغوا فيه الغاية ، وبهذه الخطوة التخصصية تكون الأمة قد توسطت مقعدها المحترم بين الشعوب المعاصرة ، فإذا انضم إلى هاتين الخطوتين الضروريتين – رفع الأميَّتين وإشاعة التخصص – قرار الوحدة السياسية ؛ فإن الأمة الإسلامية حينئذٍ ترقى إلى أن تتبوأ مقعدها على قمة هرم الإنسانية .


4-ماذا عن مسيرتك البحثية والتأليفية ، والدعوية والتوعوية ؟

        البحث العلمي جزء أصيل في التكوين العلمي لأستاذ الجامعة ، وركن أساس في بناء شخصيته التخصصية ، ولا يتصور انفصال أستاذ الجامعة عن البحث العلمي بحال من الأحوال ؛ فمنذ بدايات دراستي في مرحلة الماجستير عام 1404هـ والبحث العلمي التخصصي هو شغلي الأول ، ولا أزعم أني قد خدمت التخصص كما ينبغي ، إلا أني أسهمت ضمن حد طاقتي في خدمته ، راجياً من الله تعالى القبول ، كما عانيت في مجال التحصيل العلمي ، ونيل درجتي الماجستير والدكتوراه معاناة كبيرة ، وخضت تجربة قاسية ، لاسيما في مرحلة الدكتوراه ، لا أعرف أحداً من الزملاء مرَّ بمثلها ، وما زلت حتى الآن أقاسي في مجال البحث العلمي ، وأعاني صراعات القبول عند الآخر ، ممن لا يرى حقي في إبداء الرأي العلمي حتى وإن كان مؤيداً بالنصوص الشرعية ، والفهم الواعي ، والاستنباط الصحيح ، فأجد هذه المعاناة عند نشر أبحاثي في بعض المجلات العلمية المحكمة ، وعند ترقياتي العلمية ، فكثيراً ما تضيق صدور المحكمين بنهج أبحاثي ومضامينها ، مهما كانت الجهود العلمية المبذولة فيها ، حتى إن بعض التقارير لم تخلو من سخرية واستهزاء ، وطعن ورفض .

        وأما مجال الدعوة فهو جزء أصيل في تكويني الشخصي ، فأنا إمام وخطيب منذ أكثر من ربع قرن ، والمطلع على كتبي وأبحاثي يجد الوجهة الدعوية حاضرة لا تخفى ، فقد سخرت جهدي العلمي في دعم الوجهة التربوية الإسلامية ، من خلال إصلاح الأسرة ، ممثلة في تربية الطفل ، والفتاة ، والشباب ، إضافة إلى المحاضرات العامة ، والمشاركات الإعلامية ، إلى جانب الإشراف المباشر على موقعي الشخصي ، المختص بالتربية الإسلامية ، الذي يحوي حوالي ألف وأربعمائة عنوان من إنتاجي العلمي في مختلف قضايا التربية ، مع قسم خاص بالاستشارات التربوية والعلمية .