مقال شهر رمضان 1440هـ
إعداد المعلم للمسئولية التربوية
(من الإرشيف)
إن من أهم ما يميِّز طبيعة نظام التعليم في الإسلام أنه مرتبط بالدين ؛ فالعملية التعليمية برمتها لا تعدو أن تكون مسئولية شرعية ، منوطة بمن يقدر على القيام بها ، ويحسن أداءها ، فهو تكليف كفائي ، لا بد أن يكون في المجتمع المسلم من يقوم به ؛\لذا كان إعداد المعلم للمسئولية التربوية فرضاً كفائياً لا بد منه .
ومع أن إعداد المعلم فرض تكليفي اجتماعي ، فيه كثير من الجهد والمشقة ؛ فإن الشرع الحنيف رغَّب في ثواب العلم ، ورفع منازل العلماء ، وأعلى من شأنهم ، فقال الله تعالى في ذلك : {... يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير}،وقال في تمييزهم عن غيرهم : {... قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَاب} ، وقال في وصفهم بالخشية ، التي تأتي ثمرة للمعرفة الصادقة بالله تعالى : {... إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ...}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضلهم ومكانتهم وعظيم ثوابهم :" إن العالم ليستغفرله من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، إنما ورَّثوا العلم ، فمن أخذ به أخذ بحظٍ وافر " ، وقال عليه السلام عن اختصـاصـهم بالخـير : " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ... " ، فهم فئة مصطفاة ، خصَّها الله تعالى بالمعرفة والعلم .
وهذه المكانة الجليلة التي رفع الإسلام إليها مرتبة العلم والعلماء : تستلزم ثلاثاً من الصفات والمسالك الأخلاقية ، التي لا بد من توافرها في شخصية المعلم للقيام بمسئوليته التربوية وهي :
1- الحرص على الإخلاص لله تعالى :
من الضروري إخلاص المعلم القصد لله تعالى في تحصيله للمعرفة العلمية ، وفي أدائها للطلاب ، بحيث يكون طلبه للعلم وأداؤه له لوجه الله تعالى ؛ فقد جاء الترهيب الشديد من فساد النية في طلب العلم ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله عز وجل ، لا يتعلمُهُ إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا : لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " ، يعني ريحها ، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً :" من تعلم علماً لغير الله ، أو أراد به غير الله : فليتبوَّأ مقعده من النار " ؛ ولهذا الوعيد كره جمع من السلف أخذ المعلم شيئاً مقابل تعليم الصبيان ، وبعضهم أجاز له الأخذ ما لم يشترط على الناس الأجر ؛ فقد سـئل التابعي الإمام طاووس بن كيسان : " عن معلم يأخذ الأجر ؟ فقال : إذا لم يأخذ بشرط فلا بأس به " .
ورغم الخلاف في مسألة أخذ الأجر على تعليم الصبيان ، لا سيما فيما يتعلق بتعليم القرآن الكريم خاصة ، فإن الأمر لا يشمل العلوم الأخرى : الشرعية وغيرها ، وبخاصة إذا لم يشترط المعلم أجراً على تعليمه ، أو كان أجره من بيت مال المسلمين ؛ إذ من الصعوبة بمكان تفرغ المعلم للتعليم دون أجر يغنيه عن طلب الكسب ، وبهـذا أفتى الإمـام مـالك فقال : " لا بأس بذلك يعلِّم الخير ، قيل : إنه يُعلِّم مشـاهرة ويطـلب ذلك ، فقال : لا بأس به ، ما زال المعلمون عندنا بالمدينة " ، وقال مرة :
" لا بأس بأخذ الأجر على تعليم الغلمان الكتاب والقرآن " ، فقـيل له : أرأيت إن اشترط مع ماله في ذلك من الأجر شيئاً معلوما ؟ ... قال : لا بأس بذلك " .
وهذا لا يطعن في نيَّة المعلم ، ولا يخلُّ بسلامة مقصده ، ولا يُشترط عليه - ليكون مخلصاً لله - أن يُعلن لأولياء أمور التلاميذ : أنه إنما يعمل لله تعالى ، وإنما يكفيه أن يعلم الله تعالى منه صدق النية ، وسلامة المقصد ، والحرص على الخير ، حتى وإن حصل على أجر منهم ، سواء اشترط عليهم أو لم يشترط ، وهذا - لا شك - أرفق بمعلمي هذا العصر ؛ فإنه لا يُتصور منهم التفرغ لمهنة التعليم بلا مقابل يُعفُّهم عن القيام بطلب الكسب ، فالأجرة هنا على التفرغ ، والجلوس للتعليم ،وبذلك أفتى بعض المعاصرين .
وفي الجملة فإن صفة الإخلاص الضرورية لمسئولية المعلم التربوية ، لا تتعارض مع حصوله على عطاء مالي معلوم ، سواء من أولياء أمور الطلاب ، أو من بيت مال المسلمين ، إلا أن حصوله على هذا العطاء يستلزم منه الترفع عمَّا في حوزة التلاميذ مننقود وطعام ، فقد سئل الإمام أحمد : " عن الأرغفة التي يأخذها المعلمون من الصبيان ؟ قال : أكرهها ، هذا قذر جداً " ، وقال التابعي عبدالله بن شقيق : " هذه الرُّغف التي يأخذها المعلمون من السُّحت " ، بل ذهب بعضهم إلى ما هو أبعد من هذا حتى نهى المعلم أن يأخذ مالاً من والد صبي مصدره حرام ، ومنع ابن سحنون المعلم من أن يبعث الصبيان في حوائجه الخاصة ، وكل ذلك لتبقى العملية التربوية خالصة ونقية من شوائب المصالح الشخصية .
2- الحرص على طلب العلم وتبليغه :
رغم الضعف الذي انتاب الجانب العلـمي للمعلم المعـاصـر ؛ فإنه - مع ذلك - لا يزال مصدر التلاميذ للمعرفة ؛ فأطفال المدارس- لا سيما في دول العالم الثالث - لا يزالون عاجزين عن امتلاك أدوات التحصيل العلمي ، مفتقرين للمربي الرؤوف الذي يسوقهم إلى ميدان المعرفة برفق ، وهذا يستلزم من المعلم أمرين ، لا بد أن يلتزم بهما :
الأول : حرص المعلم على طلب العلم، بحيث لا يستغني بما حصَّله من المعرفة مهما كانت واسعة عن السعي الجاد في الاستزادة من العلم ؛ فقد أدب الله تعالى نبيه محمداً - المعلم الأول وصاحب الوحي عليه السلام - بأن يدعو : {... وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}، فالمعرفة شيء واسع يصعب استيعابه ، وقد عبَّر السيد الخضر لنبي الله موسى عليهما السلام عن هذا المعنى حين نقر عصفور الماء أمامهما نقرة أو نقرتين فقال الخضـر عندها :" يا موسى ما نقـص عـلـمي وعـلـمك من عـلـم الله إلا كنـقـرة هذا العصـفور في البحر " ، فلحظة شعور المعلم بالاكتفاء من المعرفة هي عين لحظة تلبُّسه بالجهل ، وفي هذا يقول التـابعي سعيد بن جبير : " لا يزال الرجل عالماً ما تعلم ، فإذا ترك العلم ، وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون " ، ولهذا لا بد من التواضع والحذر من التعالم ، بحيث يكون التواضع صفة لازمة للمعلم ، فهو مهما بلغ في تحصيله العلمي لا بد أن تخفى عليه مسائل ومعارف ، لا سيما في عصر توسعت فيه المعرفة إلى أبعد ما يكون ، ولهذا ينصح الإمام النووي المعلم فيقول :"وإذا سئل عن شيء لا يعرفه ، أو عرض في الدرس ما لا يعرفه فليقل : لا أعرفه ، أو لا أتحققه ، ولا يستنـكف عن ذلك ، فمن عِلم العـالم أن يقول - فيما لا يعلم- لا أعلم ، أو : الله أعلم " ، ثم اسـتشـهد بقول الصحابي عبدالله بن مسـعـود رضي الله عنه: " إن من العـلم أن تقـول لمـا لا تعـلم : الله أعلم " ، وكان الإمام مالك يكثر من ذلك ، حتى قال عنه ابن وهب : " لو شئت أن أملأ ألواحي من قول مالك : لا أدري ، لفعلت " ،وأبلغ من هذا وأعجب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع قارئاً يقرأ القرآن فقال : " رحمه الله ، لقد أذكرني كذا وكذا أية ، أسقطتهن من سورة كذاوكذا " ، وهذا من النسيان الجبلِّي ، الذي ينتاب عامة البشر ، فغيره من أمته عليه السلام أولى بالنسيان والغفلة ، وأحقُّ بالقصور العلمي .
الثاني : حرص المعلم على تبليغ العلم،بحيث يكون همه تبليغ العلم إلى طلابه ، مستفرغاً وسعه في ذلك ، فلا يبخل عليهم بعلم يعرفه ، أو فائدة حصَّلها ، يقول النووي : " وينبغيأن يكون باذلاً وسعه في تفهيمهم وتقريب الفائدة إلى أذهانهم ، حريصاً على هدايتهم " ، فهو في حرصه هذا على حذر شديد من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة " ، ولهذا يقول الإمام الشـافعي : " وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم على ألا يُنسب إليَّ حرف منه " ، فهو حريص على تبليغ العلم حتى وإن لم ينسب إليه ، لكونه يحب لطلابه من الخير ما يحبه لنفسه ، فهدايتهم أبلغ مراداته ، وأجلُّ مقاصده ، وفي الحديث : "فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حُمر النَّعم " ، فالعلم الذي يخلِّفه في تلامذته من الصدقة الجارية ، التي تنفع صاحبها بعد مماته .
ولا ينبغي أن يفهم من تبليغ العلم مجرد إيصال المعلومة - كيفما اتفق- إلى التلميذ ، فهذا لا يتحقق به المقصود ؛ فقد تصل المعلومة إلى التلميذ مشوشة لا يفهمها ، أو ربما فهمها ولكنه قد لا يحسن تطبيقها ، فالتبليغ العلمي الحق هو الذي يجمع بين سلامة الفهم ، وحسن التطبيق ، وهذا ما انتهجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ؛ فقد" كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً ، حتى تُفهمَ عنه ... " .
وأما التطبيق فقد حفلت سيرته عليه السلامساحة واسعة من التطبيقات العملية ، التي ربطت بين الفهم والتطبيق ، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم صلى على المنبر حين صُنع له ، ولم يكن ذلك من عادته ، فلما فرغ من صلاته أقبل على الناس فقال صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس إني صنعت هذا لتأتموا بي ، ولتعلَّموا صلاتي " ، فكان هدف تعليم الناس مقصوداً في عمله هذا عليه السلام وهذا في الشأن العام ، أما في الشأن الخاص ، ولا سيما فيما يتعلق بتعليم الشباب والصبيان ؛ وطبيعة الممارسة النبوية العملية في ذلك ؛ فقد قال عـبدالله بن مسعود رضي الله عنه واصــفاً حال النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يعلمه التشـهُّد : " علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكفي بين كفيه - التشهُّد ، كما يُعلِّمني السورة من القرآن " ، وقد كان عليه السلام يلقِّنه القرآن تلقيناً ، وكذلك في خبر الرجل الذي لم يحسـن صلاته ، فقد باشـره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوجيه العملي ، والتطبيق الواقعي .
وأما في شأن الصبيان ، فقد لازم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر حياته ، فكان يلقِّنه القرآن ، ويعلمه التشهُّد في الصـلاة ، وربمـا أمَّـه في بعـض صـلاة اللـيـل ، ولمـا رأى عليه السلام عمر بن أبي سلمة عليه السلاملا يحسن تناول الطعام لصغر سنِّه قال له : " يا غلام سم الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك " ، وأعجب من ذلك حين مرَّ رسـول الله صلى الله عليه وسلم بغـلام يسـلخ شـاة ، والظـاهر أنه لم يكن يُحسن ذلك ، فقال له : " تنحَّ حتى أريك ، فأدخل يده بين الجلد واللحم ، فدحس بها حتى توارت إلى الإبط ... " .
هذه الشواهد النبوية وغيرها كثير تدل على أن التبليغ المجرد عن الإشراف التربوي المباشر لا يحقق المقصود من العملية التعليمية ؛ إذ لا بد مع التبليغ من التطبيق ؛ وهذا ما يشير إليه التوجيه القرآني للمعلمين في قوله تعالى : {... كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ ...}: بمعنى علماء حكماء ، تقومون على من هم تحت أيديكم بالرعاية والإصلاح ، وتتلطَّفون بهم متدرِّجين في تلقينهم العلـوم والمعـارف ، من صـغارها إلى كبارهـا ، يقـول النـووي - موضحاً هذا المعنى بصورة تطبيقية - : " ويُفهم كلَّ واحد بحسب فهمه وحفظـه ، فلا يعطــيه ما لا يحتمـله ، ولا يقصُـر به عـمَّا يحتـمله بلا مشـقة " ، ويقول ابن جماعة : " ولا يُلقي إليه ما لم يتأهل له ؛ لأن ذلك يبدِّد ذهنه ، ويفرِّق فهمه ، فإن سأله الطالب شيئاً من ذلك لم يجبه ، ويعرِّفه أن ذلك يضره ولا ينفعه " ، وقال الحسين بن علي : " يحرص على تعليمه وتفهيمه ببذل جهده ، وتقريب المعنى له ، من غير إكثار لا يحتمله ذهنه ، أو بسط لا يضبطه حفظه " .
3- حرص المعلم على القدوة السلوكية :
المقصود بالقدوة السلوكية هو انسجام سلوك المعلم مع المفاهيم والمبادئ الأخلاقية التي يربي عليها تلامذته ، ويلزمهم بها ؛ بحيث لا يجد الصغار صعوبة في التوافق بين المفاهيم النظرية التي يتلقَّونها ، وبين السلوك العملي الذي يشاهدونه ، وهذه من أفضل معزِّزات التربية ، ومن أنفع وسائلها ، بل ربما هي الأهم في مجال تربية الصغار ؛ إذ إن السلوك العملي للمعلم أبلغ لوصولهم إلى الحكم الأخلاقي الصحيح ، وأنجح لبلوغهم درجة القناعة بالسلوك القويم ، فهم يتعلمون بالقدوة أكثر بكثير مما يظن المربون ،يقول أحدهم لمعلم ولده : " ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك نفسك ؛ فإن عيونهم معقـودة بعينك ، فالحسن عندهم ما صنعت ، والقبيح عندهم ما تركت " ، فالتلقين للمفاهيم- مهما تكرر عليهم- لا يبلغ مداه من نفوس التلاميذ حتى يأتي منسجماً مع سلوك القدوة ومتطابقاً معه ، بل ربما أتى التلقين بثمار عكسية إذا صادف قدوة سيئة في شخص المربي .
وقد تنبه بدر الدين بن جمـاعة إلى أهمـية القدوة فقال في نصيحته للمعلم : " ويتجنب مواضع التهم وإن بعُدت ، ولا يفعل شيئاً يتضمن نقص مروءة ، أو ما يُستنكر ظاهراً ، وإن كان جائزاً باطناً ، فإنه يعرِّض نفسه للتهمة ، وعرضه للوقيعة ، ويُوقع الناس في الظنون المكروهة ... فإن اتفق وقوع شيء من ذلك لحاجة أو نحوها : أخبر من شاهده بحكمه وبعذره ومقصوده ، كيلا يأثم بسببه ، أو ينفِّر عنه فلا ينتفع بعلمه " ، وهـذا أقل ما ينـاله حين يفـرِّط ، فلا ينتفع النـاس بعلمه ، ولهذا قال مالك بن دينار :" قرأت في التوراة : أن العالم إذا لم يعمل بعلمه : زالت موعظته من القلوب كما يزلُّ القطر عن الصفا " ، وقد كان الطلبة من السلف لا يأخذون العلم إلا عن القدوات ، قال أبو العالية : " كنت أرحل إلى الرجل مسيرة أيام لأسمع منه ، فأول ما أفتقِدُ منه صلاته ، فإن أجده يُقيمُها : أقمت وسمعت منه ، وإن أجده يُضيِّعُها : رجعت ولم أسمع منه ، وقلت : هو لغير الصلاة أضيع " .
ورغم ما يبدو من السذاجة في سلوك الأطفال ، إلا أنهم - منذ سنالتمييز- يدركون القدوة ، ويستطيعون تحديد مدى التزام المربين بما يتنادون به من التوجيهات الأخلاقية ، فهم كائنات عاقلة مدركة ، إلا أنها ليست ناضجة بالقدر الكافي للقيام بنفسها ، والاستقلال بقرارها ، ولهذا جاء التحذير الرباني الشديد من مخالفة الأقوال للأعمال ، لما فيه من التنفير عن الخير ، وإفساد النشء ، فقال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُون} ، وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلق أقتاب بطنه ، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى ، فيجتمع إليه أهل النار ، فيقولون : يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول : بلى ، قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه ، وأنهى عن المنكر وآتيه " .