69- خصوصية المرأة في المجتمع وحقها في التعليم
ترتبط المرأة المسلمة بالمنزل برباطين وثيقين : الأول : ما تفرضه طبيعتها المستترة، وحياؤها الفطري، وبناؤها الجسمي من لزوم البيت والاحتماء به، والثاني : ما يلحقها من الأحكام التشريعية كالطلاق، والعِدد، والاحتباس للزوج، والرعاية الأسرية ونحوها؛ فإن هذين الرباطين وما يلحق بهما من التزامات اجتماعية مختلفة، وأحكام شرعية متعددة، يُحتِّمان على المرأة التَّعلُّق بالمنزل، فيفوتها بذلك كثير من المعرفة العلمية، خاصة بعد أن ضعف في هذا العصر نشاط المنزل في نقل العلم إلى النساء المخدرات، إضافة إلى صعوبة الجمع بكفاءة بين المتطلبات الأسرية والحقوق الزوجية، وبين التعليم في المؤسسات التعليمية التقليدية، وهذا من شأنه إيقاع الفتاة المعاصرة في الصراع بين الدراسة والزواج، أيهما تُقدِّم على الآخر؛ فإن للفتاة سناً للزواج، تقل الرغبة فيها بعده, والأنظمة التعليمية تشترط شروطاً لا بد منها للقبول والانتظام في الدراسة، فإذا توفر أسلوب تعليمي يحقق التوافق بين الزواج والدراسة فإنه حينئذٍ يتعين الأخذ به، فإن الجمع بين الزواج والدراسة إذا تيسر تحقيقه في مرحلة من العمر كان ذلك خير معين للإنسان على تحقيق غاياته، والوصول إلى أهدافه ؛ ولهذا كان لا بد من ابتكار صيغ جديدة لأساليب التعليم أكثر مرونة وانفتاحاً وتيسيراً، مع التحرر -بعض الشيء- من أنماط التعليم التقليدية ؛ لمواجهة متطلبات المجتمع المتنامية على التعليم، خاصة بعد الانفتاح العلمي المعاصر، وثبوت عجز المؤسسات التعليمية الحالية عن مواكبة هذه الاحتياجات بصورة كافية، إلى جانب ظروف النظام
الاقتصادي المعاصر، الذي يُشرك الإناث بصورة واسعة في برامجه التنموية،
فلا يتمكَّنَّ من حيازة العلم بصورة صحيحة .
كما أن واقع كثير من المؤسسات التعليمية المعاصرة، وما لحق بها من انحرافات خلقية مخالفة لمبادئ نظام التعليم الإسلامي, منع كثيراً من الفتيات الصالحات من مواصلة تعليمهن , إلى جانب بعد المسافات، وظهور مشكلة المواصلات كأزمة عالمية , إضافة إلى مشكلة الهدر التربوي الواقع في هذه المؤسسات , كل هذه الملابسات الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية المعاصرة توجب على المجتمع استخدام أسلوب " التعليم عن بعد "، بصيغه المختلفة غير النظامية : كالمراسلة، والانتساب، والتعليم الفردي المبرمج، ومن خلال وسائل الإعلام التربوي، حتى تتمكَّن المرأة المسلمة من تفادي سلبيات مؤسسات التعليم المعاصرة، وتتمكَّن – في الوقت نفسه- من القيام بدورها الأسري، ويتحقق للمجتمع كلِّه تلبية حاجات المتعلمين المتزايدة ضمن نظام تعليمي مفتوح، فإن مصطلحات تعليمية جديدة أخذت مكانها في العملية التربوية مثل : " الدراسة في المنزل "، "الدراسة الخارجية "، " الدراسة المستقلة "، ونحوها .
ومن خلال الدراسات المتعددة في مجال التعليم عن بعد اتضح أن أفضل هذه الوسائل على الإطلاق، وأكثرها نفعاً، وأبلغها في تحقيق الأهداف التربوية، هي استخدام التليفزيون التعليمي، الذي يمكِّن المرأة من الحصول على المعرفة دون حرج الخروج من بيتها، ويساعدها على مواصلة تعليمها بصورة صحيحة وسهلة.