22- استمتاع المغتصب بآثار الفتاة البدينة الخاصة
هذا النوع من أرذل أنواع انتهاك العرض؛ لما يحمله من الخسَّة والخيانة، وهو مع ذلك أقل الانحرافات الجنسية خطورة، وصفته أن يتعلق الجاني بشيء له علاقة مباشرة ببدن الفتاة: كحذائها، أو خصلة شعرها، أو منديلها، أو شيء من ملابسها الداخلية أو الخارجية، فيبني مع هذا الرمز الأثري، أو ما يُسمى بالفتيش علاقة جنسية كاملة، تصل به إلى حد الاستمتاع المشْبع، فلا يحتاج إلى تكوين علاقة عاطفية مباشرة مع صاحبة الأثر وهذا السلوك الشاذ: "تعبير عن صراع عاطفي في ذات فجَّة، تشعر بعجزها عن سرقة الشخص نفسه فتعمد إلى سرقة أشيائه"؛ ولهذا يكثر هذا المسلك بين العشَّاق حين تحول بينهم الظروف الاجتماعية، وقد وُجد في تركة بعضهم حين مات : جمع من هذه الآثار، وهذا واقع معلوم لا يُجهل من أمر العشاق وأحوالهم.
ومع كون هذا المسلك محرماً شرعاً؛ إذ لا يصح من المسلم أن يتخيل بفكرة الاستمتاع بفتاة ما فضلاً عن المُعيَّنة، أو أن يختلس شيئاً من حاجاتها، أو أدواتها -مهما كان حقيراً- على وجه المداعبة فضلاً عن أن يستمتع بها جنسياً، أو أن ينظر- فضلاً عن أن يستمتع - إلى شيء مما انفصل عن بدنها، لاسيما مما كان من عورتها، أو أن يقصد التلذذ بتناول من طعام أو شراب، أو أن يتتبَّع آثار أناملها أو فمها على إناء، أو أن يلبس ثوباً نزعته: فإن أقبح من كل هذا، وأشد فتنة، وأعظم أثراً: أن ينظر إلى صورتها الفوتوغرافية أو السينمائية، حيث يُعد هذا من أعظم وسائل التلذذ والاستمتاع عند فسقة الرجال، وما هذا الانتشار الواسع لصور الفتيات المتبرجات في الأفلام وعلى صدور المنشورات الإعلامية - فضلاً عن المجلات الجنسية الساقطة -إلا دليل واضح على هذا الاستحسان الذكوري للصور؛ فإن كان للحذاء، أو المنديل هذا الأثر البالغ في سلوك الرجل الشاذ جنسياً، فكيف تراه يكون أثر الصورة الفوتوغرافية أو السينمائية في تلذذه الجنسي واستمتاعه؟
إن على الفتاة أن تحفظ نفسها، وصورة شخصها، وكل ما يخصها من الملابس، والأدوات، وحتى فضلاتها كقصاصة شعرها، وقلامة ظفرها، وخروق حيضها: تُغِّيبها جميعاً في التراب، أو في أي مكان مأمون، فلا يقع شيء من ذلك بطريقة من الطرق -العفوية أو المقصودة- في يد شاذ من الشواذ، فيستمتع بها جنسياً، والفتاة غافلة لا تدري.
إن هذا الوصف لأنواع الانتهاك العرضي الذي يمكن أن تتعرض الفتاة لشيء منه: يدل على أن الفتاة بطبيعتها كأنثى موضع استمتاع للرجل بصورة من الصور المختلفة، فلا يصح منها بحال أن تكون سبباً في إثارته بالتبرج وإظهار الزينة، أو حتى بمجرد إشعاره من خلال حركاتها المقصودة عن مواقع الزينة منها: "فيدرك بذلك حسْن الحلي، أو يسمع حبوسه، فإن الذي يُخاف من الفتنة عند النظر إلى الحلي في موضعه: يُخاف مثلُه أو قريب منه عند العلم بتحمله؛ بل ربما كانت النفس حينئذ أحرص، وإلى الهوى أسرع؛ فأحبُّ شيء إلى الإنسان ما مُنع".