18- صيانة أعراض النساء من الانتهاك الجنسي
ولما كانت طبيعة الزنا تشترك فيها الفتاة عادة بإرادتها، وسلطان هواها: فإن الانتهاك العرضي غالباً ما يكون بغير إرادة الفتاة، وإنما بكره منها، حتى إن كانت -بطريقة غير مباشرة- تُحرِّض الجاني على جريمته؛ فإن الثابت ميدانياً من خلال العديد من الدراسات: أن الفتيات يتحملن بسلوكهن قسطاً كبيراً من أسباب انتهاك المجرمين لأعراضهن، فقد وُجد أن من خصائص المرأة المغتصبة جمالها الخلقي، وسكناها وحدها، وظهورها في الحياة العامة بطريقة مغرية تثير المعتدي، كما أن توجُّهات المجتمع التحررية، وتخلِّيه عن كثير من القيم والآداب السلوكية: يُساعد بمجموعه على بعث الروح العدوانية، والطبيعة السادية في كثير من مرضى الذكور، الذين قهرتهم الظروف الاقتصادية البائسة، وأثارتهم طبيعة الحياة الاجتماعية المعاصرة: حتى أصبح انتهاك أعراض الفتيات لمجرد الإخضاع والإذلال، ولو بغير اتصال جنسي: وسيلة كثير من المجرمين للراحة النفسية والاسترخاء، وحصول حالة من الاستمتاع؛ فإن المغتصب بقدر ما يميل إلى الفتاة ليستمتع بها، فإنه مع ذلك يكرهها، ويرغب في إذلالها واحتقارها، والإضرار بها، والسيطرة عليها، وقد دلَّت الإحصاءات العالمية على أن أكثر من 60% من الإناث قد تعرَّضن في وقت ما من حياتهن إلى شيء من الانتهاك العرضي، ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يتعرض ربع النساء تقريباً إلى درجة أو أخرى من الإساءة الجنسية، حيث تصل فيها حالات الاغتصاب إلى مليون حالة سنوياً، بما في ذلك الحالات غير المعلن عنها رسمياً، وغالباً ما تقع جرائم الاغتصاب على النساء الراشدات، والخطر الأعظم من حالات الاغتصاب يهدد الفتيات في السن ما بين 16-24سنة، وحوالي 20% تقريباً من الحالات في الغرب تقع على الفتيات ما بين 12-15سنة، ومع ذلك فإن كل أنثى معرضة للاغتصاب في أيِّ عمر كانت إذا ما وُجد المغتصب، وتوافرت الظروف المساعدة على حصول الاعتداء.
ولما كانت طبيعة المنتهك للعرض طبيعة مَرَضية، مُتلبسة بدافع الشهوة والهوى، كما قال الله تعالى: {…. فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} [لأحزاب:32]؛ فإن مسلك الخيانة هو وسيلة الفاسق الوحيدة للتمكن من الاستمتاع بالضحية على وجه من وجوه الخلسة التي تتناسب مع حجم مرضه، ومقدار جراءته.