3- أهداف تربية الفتاة الجنسية وخصائصها التربوية
أهم خصائص الفتاة الجنسية:
1-اختصاصها بالحيض والحمل والنفاس والإرضاع، وما يرافق هذه الأحوال من المعاناة التي تتطلب الإعداد الصحي جسمياً ونفسياً، حتى تتمكن من التغلب عليها، وتقبلها بصورة أكثر إيجابية.
2-اختصاصها بغشاء البكارة، والخفض السُّني، ودرجة كبيرة من الحياء الفطري، وهذا يتطلب التأكيد على منهج التربية أن يستغل هذه الأحوال باعتبارها وسائل معينة على الاستعفاف.
3-اختصاصها بالقدرة الفطرية على الفتنة الاجتماعية مما قد يجعلها موقعاً لصورة من صور انتهاك العرض، وهذا يتطلب قدراً من الحماية الأسرية والتربية السلوكية؛ لضمان حفظها من مخاطر الانحرافات الجنسية التي كثرت في هذا العصر.
أهداف تربية الفتاة الجنسية:
1-تعليم الفتاة سبل العناية بصحتها الجنسية في ضوء أحكام الفقه الإسلامي.
2-فَهم الفتاة لطبيعة سلوك الإنسان الجنسي بين حدَّي المباح المشروع والمحرم الممنوع.
3-توجيه الفتاة إلى الوسائل التربوية المشروعة المعينة لها على ضبط شهواتها الجنسية.
4-تقبُّل الفتاة للعادة الشهرية وتحمل تأثيراتها المزعجة مع تفهمها لأهميتها الشرعية والصحية.
5-حماية الفتاة بالوسائل المشروعة من أسباب الانحرافات الجنسية.
لا تقل أهمية صحة الفتاة الجنسية عن صحتها النفسية، أو الجسمية، أو العقلية، فإن لكل جانب من هذه الجوانب أهميَّته في بناء واتزان شخصية الفتاة المسلمة؛ إذ "إن الحياة الجنسية ظاهرة أساسية في حياة الأفراد والشعوب، وقد بدت أهميتها في شتى الأزمات، كما تشهد على ذلك الديانات كلها".
ويتلخص نمو الفتيات الجنسي في كونهن يُراهقن البلوغ قبل الذكور بعام أو عامين، حيث تبدأ عندهن إرهاصات النضج الجنسي، وهرموناته الخاصة قبل البلوغ الفعلي بخمس سنوات تقريباً، بحيث يكمل لهن تمام النضج بصورة تدريجية متتابعة: في الثانية عشرة غالباً، وربما تقدَّم عند بعضهن -ضمن الحد الطبيعي- إلى الثامنة، أو ربما إلى السادسة، وهذا نادر وشاذ، أو تأخر إلى السابعة عشر كحد أقصى لحصول البلوغ؛ حيث تقوم كل من: الجذور الوراثية، والقيمة الغذائية، والطبيعة المناخية، ونوع التربية الأخلاقية: بأدوار مهمة في التأثير على سرعة وبطء عملية النضج الجنسي، فتنتقل الفتاة بذلك من مرحلة الطفولة والمراهقة إلى مرحلة الشباب، وسن التكليف؛ إذ البلوغ هو همزة الوصل بين المرحلتين، ومفهوم المراهقة في التصور الإسلامي لا يعني البلوغ، وإنما يعني مقاربة البلوغ، ويكفي شرعاً ثبوت البلوغ بتصريح الشخص، وتعبيره عن نفسه؛ لأنه أمر لا يُعرف إلا من جهته.
وفورة البلوغ تسهم في إطلاق ملكات الفتاة الطبيعية ، وكافة ميولها ورغباتها الفطرية الكامنة في ذاتها، وتتفجر في أعماقها الميول الغريزية، وتنبعث في نفسها العوامل المعنوية والأخلاقية، فالتحولات المتعلقة بالبلوغ لا تقتصر على الناحية الجسمية فحسب، وإنما تشمل جميع نواحي الشخصية بما فيها الناحيتين الروحية والنفسية؛ وذلك للترابط الوثيق بين النفس والجسم في طبيعة النمو الإنساني.
ورغم أن البلوغ غالباً ما يكون في الثانية عشرة عند الفتيات إلا أن قدرتهن على الممارسة الجنسية، ومقدِّماتها، وشيء من التلذذ الشَّهوي: يسبق ذلك بزمن؛ فإن النشاط الجنسي يتقدم حُصُوله على اكتمال القدرة التناسلية فلا ارتباط بينهما من هذه الجهة، إلا أنه كثيراً ما يبقى في صورة اتجاهات وأشواق ناقصة، غير مكتملة؛ لأن حدَّ الشهوة الجنسية عند الفتاة في الحادية عشرة تقريباً -حاضت أو لم تحض- وبداية كمالها الشهوي ما بين 16-18سنة، وقمة لياقتها الجنسية في أكمل صورها يتأخر حتى السادس والعشرين تقريباً، وربما تأخر إلى الخامسة والثلاثين، مع كل هذا فإن مجرَّد بلوغ الفتاة المحيض يُعتبر مؤشراً كافياً على قدرتها الطبيعية على الاتصال الجنسي، ومن ثمَّ استعدادها للحمل والإنجاب بصورة طبيعية، بل إن قدرتها على الحمل قد تسبق في بعض الحالات النادرة نزول الحيض، ولهذا تقول السيدة عائشة رضي الله عنها : "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة"، ولعلها بهذا التصريح تحكي تجربتها حين أدخلت على رسول الله r وهي في التاسعة من عمرها، ومع كل الأحوال فإن البلوغ عادة لا يتأخر عن خمس عشرة سنة، فلو قُدَّر أن تأخر لآفة في الخلْقة، فإن الآفة في الخلْقة لا توجب بالضرورة آفة في العقل، فإذا كان العقل قائماً بلا آفة: وجب اعتباره، وإلزام بنت الخامسة عشرة بالأحكام الشرعية باعتبارها بالغة، وفي هذا المعنى يقول الإمام الترمذي حاكياً عن جمع من العلماء: "الغلام إذا استكمل خمس عشرة سنة فحكمه حكم الرجال، وإن احتلم قبل خمس عشرة فحكمه حكم الرجال"، فمدار التكليف قبل سن الخامسة عشرة على البلوغ، وبعدها على السن.
وهذا الفهم لطبيعة نمو الفتاة الجنسي وارتباطه بالتكاليف الشرعية يُحتِّم على منهج التربية الصحية مراعاة ذلك منها منذ فترة الطفولة المتأخرة، ومروراً بمرحلة المراهقة، ثم العناية الكاملة في أوسع صورها في مرحلة الشباب، حتى تبلغ الفتاة بداية ذروة النشاط الجنسي، وتصبح قادرة على التناسل.