المقصود هنا أن تندفع الفتاة بالغاية النبيلة، وسمو الهدف نحو إتقان إنتاجها الفني، حتى وإن كان ذلك من باب التحسينيات مما هو دون مرتبتي الحاجيات والضروريات في مفهوم المقاصد الشرعية؛ فإن السلامة من العيوب الفنية: شرط ضروري للإحساس بالجمال، والله عز وجل قد "… كتب الإحسان على كل شيء…"، فلم يستثن من عمل الإنسان شيئاً، والرسول r يقول: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتْقنه". ومن هنا فإن فقدان العمل الفني لصفة الإتقان يُذهب بجماله، ويُضعف تأثيره في الإنسان، فالخط العربي – مثلاً – "إذا كان حسن الوصف، مليح الرصف…هشت إليه النفوس، واشتهته الأرواح… وإذا كان الخط قبيحاً مجَّتْه الأفهام، ولفظته العيون والأفكار"، وهكذا الحال في باقي أعمال الفتاة الفنية.
ولما كانت سمة الإبداع الفني تكاد تكون أنثوية الطابع، وميل الفتيات إلى النشاط الفني كبير، ورغبتهن في البراعة لا تفوقها رغبة؛ فإن وسيلة الفتاة للإتقان تكاد تجتمع في تنمية خبراتها الحسيِّة، والارتفاع بمستوى حواسها البدنية؛ لأن المهارات الفنية تُعنى بالحواس أكثر بكثير من عنايتها بغيرها، فلا يضر الفتاة المبدعة وهي تتعامل مع المواد المختلفة– مهما كانت خسيسة ما لم تكن نجسة– أن تنتج منها صوراً، وأشكالاً متقنة في: ألوانها، وأحجامها، ومعانيها، وأهدافها.