2ـ إنسانية المرأة

إن من أعظم حقوق المرأة على المجتمع أن يتعامل معها على أنها إنسان، لـه عقله، ومشاعره، وآماله، وشخصيته، إلا أن الواقع المحلي والعالمي يدفع المرأة دفعاً ليجرِّدها من كل معالمها الإنسانية التي وهبها الله ليحصرها في فتنة الأنوثة، وليحبسها في جسدها، فهي الراقصة، والمغنية، والممثلة، وهي خلفية الإعلانات التجارية للمواد الاستهلاكية، وهي واجهة المحلات التجارية، والسكرتيرة الرشيقة، والمسوِّقة اللبقة، فهي المتعة للجميع.

ولقد أجمعت الدراسات، وكثرت النداءات من العقلاء والعاقلات أن حصر المرأة في "صورة الجسد" أمر مرفوض، وفيه مهانة للمرأة واحتقار لها، ومع ذلك يسير الوضع على هوى أصحاب رؤوس الأموال في امتهان الأنوثة، واستخدامها في مواقف لا تليق بكرامة الإنسان.

ويتعجب المسلم من حجم الاستهانة التي يصل إليها الاستغلاليون بعقول الناس، حين ينزلون الإعلان التجاري الربوي في صحيفة الشرق الأوسط يتضمن صورة امرأة فاتنة متبرجة؛ لكون الصحيفة تصدر خارج البلاد،فيصح خارج البلاد ما لا يصح داخلها, وفي نفس اليوم ينزل الإعلان نفسه في صحيفة محلية تصدر في الداخل, يتضمن صورة المرأة بعينها, ولكن قد وضعت على رأسها خرقة صغيرة  يظنون أنها تعطيها الصبغة الشرعية، وكأن الإسلام قد انحصر في نظر هؤلاء الاستغلاليين في قطعة من القماش.

إن المرأة الكريمة لتأبى كل صور الاستغلال للأنوثة التي يمارسها المجتمع محلياً أو عالمياً، وترفض أن تستمتع بوسائل الإعلام حين تختزل أختها الأنثى في "الجسدية"، وتحصرها في الفتنة الجنسية.