تختلف طبيعة المرأة عن طبيعة الرجل اختلافاً بيِّناً، ولا يمكن إغفال هذا الاختلاف بحال، إذ إن خلايا جسمها تحمل طابعاً أنثوياً، فهي مخلوقة لمهام تناسبها، كما أن الرجل مخلوق لمهام تناسبه أيضاً .
لهذا جاءت الشريعة بالتفريق بين الرجل والمرأة في المهام والأعمال، وبالتساوي بينهما في الجزاء والعقاب عند الله U الذي يقول في كتابه : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الذِّيِ عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَللرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةُ } [البقرة:228]. يقول القرطبي في هذه الآية : [ أي : لهن من الحقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن … وللرجال عليهن درجة، أي : منزلة ]، ويقول الله تعالى أيضاً في سورة النساء: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَ بِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْـوَالِهِمْ} [النساء:34]. يقول ابن كثير في تفسير هذه الأية : [ الرجل قيم على المرأة، أي : هو رئيسها، وكبيرها، والحاكم عليها، ومؤدبها إذا اعوجت ] . فقد آتى الله الرجل أسباب القوامة من القوة، والشجاعة، وكمال العقل والدين؛ مما يؤهله لإدارة الأسرة، وحراستها، والإنفاق عليها، حتى وإن استقلت المرأة مالياً فهي لا تزال فطرياً بحاجة إلى قوامة الرجل، وسيطرته، كما أن الأولاد بحاجة إلى ذلك أيضاً فإن رمز السلطة عند الطفل عادةً يكون للأب أما رمز الحب والحنان عادة يكون للأم، لهذا كان واجباً على الأم أن تركز هذا المعنى في نفوس أبنائها؛ لتوجد للأب المهابة في نفوسهم؛ ليحصل الانتفاع بشخصيته وسلطته في عمليتي التربية والتعليم.
ولا تعني القوامة - كما يفهما البعض - التسلط والتجبر بغير حق؛ بل هي الرحمة والحنان والعطف والرعاية والإنفاق والتعليم والتربية والتوجيه والسلطة . كما أنها لاتعني الترفع عن التعاون مع الزوجة في شؤون إدارة البيت ورعاية الأولاد، فإن خير الناس عليه الصلاة والسلام كان في خدمة ورعاية أهله في البيت، فلا ينبغي للرجل أن يأنف عن القيام ببعض الأعمال في المنزل خاصة عند حاجة أهله إلى ذلك، على أن يكون لذلك حد معقول - لا يتجاوزه إلا عند الضرورة - فلا يصبح كأنه ربة المنزل كما تفعله بعض القبائل الشاذة.