يُعتبر الجانب الأخلاقي في بناء الإسلام التربوي جزء أصيل في تكوين شخصية المسلم على وجه العموم، وهو أشد أصالة وضرورة في تكوين شخصية الفتاة المسلمة على وجه الخصوص، فلئن كانت العقيدة هي صورة الإنسان الباطنة فإن الأخلاق صورته الظاهرة، حيث ترقى الفتاة بإيمانها الباطن، وأخلاقها الظاهرة نحو أعلى مراتب كمالها الإنساني، في حين يحتاج الرجل ليبلغ الكمال اللائق به إلى جوانب أخرى : عقلية وعلمية ونفسية وجسمية ومهارية، إضافة إلى الإيمان والأخلاق : تؤهله ليحوز شيئاً من مراتب الكمال الإنساني المطلوب في الرجال.
ويتحقق الضابط الأخلاقي حين تسلم عورة الفتاة من الانكشاف أمام النساء في أثناء الممارسة الرياضية، ويسلم جسمها من الحركة الماجنة الخليعة، ويسلم شخصها ككل من نظر الرجال حتى وإن كانت بكامل حجابها الشرعي؛ فإن الرياضة النسائية في هذا العصر من أوسع أبواب الفساد الخلقي، من حيث الاختلاط بين الذكور والإناث، مع انكشاف العورات المحرمة بين النساء، فضلاً عن المحرمة على الرجال الأجانب من المسلمين ومن غيرهم في المشاركات الرياضية الدولية والإقليمية والمحلية، التي تظهر فيها الفتاة المسلمة غالباً شبه عارية. ومع كل هذه المخالفات الشرعية فإن مبدأ دخول الفتاة المسلمة في حمام النساء العام غير المختلط، مع ستر العورة، وقيام الحاجة : لا يستحب شرعاً؛ بل ربما كان من المكروهات، أو حتى من المحرمات، خاصة وأن كثيراً من النساء عادة إذا اجتمعن في مثل هذه الحمامات العامة قلَّ تحفُّظهن من انكشاف العورات , وبروزها إلا من عيب جسدي يكرهن ظهوره؛ لكون بعضهن يريْن جواز ذلك؛ ولهذا حرم كثير من العلماء دخولهن الحمامات العامة , وعليه فقد قاس بعض المعاصرين حمامات السباحة المعاصرة على حمامات النساء القديمة فمنع منها , ولا ينبغي استهجان مثل هذا التوجه الفقهي فإنه في عام 1903م تأسس في مدينة ميونخ الألمانية نادٍ نسائي للسباحة , فقوبل هذا العمل بالاستنكار الاجتماعي, فليس بغريب أن يُستنكر مثل هذا في المجتمع المسلم , الذي يعطي لجسد الأنثى - من جهة النظر وحجم العورة - حصانة أكبر.
وبناء على هذا فإن المختار للفتاة المسلمة المعاصرة: التعفُّف الكامل عن الممارسات الرياضية خارج المنزل، رسمية كانت أو غير رسمية، دولية أو محلية، حتى وإن كانت تُمارسها بعيداً عن الرجال في أندية نسائية خاصة؛*فإن هذه التجمعات النسائية لا تخلو عادة من محظور شرعي، وكثيراً ما تكون وسائل للفساد الخلقي؛ فإن نظر الرجال إليها خلسة أمر محتمل، ثم إن تصويرها عبر عدسات الكاميرات الدقيقة المثبَّتة في أماكن معينة، أو المحمولة في الهواتف النقالة هو أيضاً أمر محتمل، فالبعد عن كل ذلك أسلم لدينها وخلقها، فإذا احتاجت الفتاة المرفَّهة إلى شيء من النشاط الحركي فإنها تمارسه داخل بيتها، أو ضمن ساحاته المفتوحة المأمونة التي تُتيحها طريقة البناء في العمارة الإسلامية، فقد ثبت ميدانيا تفضيل كثير من الفتيات المسلمات ممارسة النشاطات الرياضية داخل المنزل مع أفراد الأسرة، كما ثبت أيضاً إحجام كثير منهن عن ممارسة الأنشطة الرياضية في الأماكن المكشوفة خوفاً من نظر الرجال إليهن، لاسيما إذا عُلم أن كل حركة جسمية قوية : كالدَّهن، والدَّلك، والتَّمريخ تدخل ضمن مفهوم الرياضة البدنية النافعة، فلا تفتقر الرياضة - بصورة دائمة - إلى الساحات الكبيرة، والأجهزة المعقَّدة، والألعاب المعينة بقدر ما تفتقر إلى الحركة ذاتها : البدنية والعضلية.