15ـ أخذ الفتاة بأسباب العلاج الروحي

إن من المسلَّم به وجود تلك العلاقة الإيجابية المتبادلة بين جانبي الإنسان المادي والروحي، بحيث يؤثر كل منهما في الآخر بصورة فائقة، فقد أسفرت الوقائع والأبحاث عن صور من التأثير الروحي بنوعيه -الإيجابي والسلبي- على صحة الإنسان الجسمية، حتى إن مدى التأثير يمكن أن يتعدَّى ذات الشخص إلى غيره -بكيفية غيبية- ليتضرَّر به أو ينتفع، ضمن قضاء الله تعالى وقدره العام، ومما يشير إلى ذلك خبر المرأة التي جاءت رسول الله r تشكو إليه أنها تُصرع، فخيَّرها بين الصبر مع عظيم الأجر، وبين أن يدعو لها فتشفى، فاختارت الصبر، "وفي ذلك دليل على جواز ترك المعالجة والتداوي، وأن علاج الأرواح بالدعوات والتوجه إلى الله يفعل مالا يناله علاج الأطباء، وأن تأثيره وفعله، وتأثر الطبيعة عنه وانفعالها أعظم من تأثير الأدوية البدنية وانفعال الطبيعة عنها.. وعقلاء الأطباء معترفون بأن لفعل  القوى النفسية وانفعالاتها في شفاء الأمراض عجائب"، وهذا من الأمور العامة، المستفيضة التي لا تخفى.

ومن هنا شُرع للفتاة المريضة أنواع من الأدعية المأثورة، وجمع من الرُّقي الشرعية الموثوقة: تردُّ عنها -بإذن الله تعالى- ما أصابها من الأذى في بدنها أو نفسها حتى إذا أعياها الداء، وقصُر عن نفْعها الدواء: كان في الذكر الصحيح، والدعاء الصادق ما يغنيها عن الوقوع في الحرام، فإن رسول الله r نهى عن الدواء المحرم، والله تعالى بفضله ورحمته لم يجعل الشفاء فيما حرَّم على الناس، فهذا باب عظيم من أبواب الصحة العامة التي لا تستغني عنها الفتاة، فلا بد أن تنال نصيبها الوافر منه علماً وممارسة.