21ـ إحياء الثقة بمقادير الله تعالى في نفس الفتاة

لقد ثبت يقيناً أن معظم حالات المرض النفسي ترجع إلى عدم الثقة بمقادير الله تعالى، فإن الدين يعمل على زيادة إيمان الفرد لمواجهة نوازل الحياة المختلفة، ويخفف من آلامها، وركن القضاء والقدر يحيي هذا الجانب في نفس الإنسان؛ حيث إن الأمر بيده I ، وهو الذي يقدر  للعبد قضاءه، وهو الذي يخلقه كمًّا وكيفاً ومكاناً وزماناً، وهو الذي يمده بالعون على تحقيقه، فلا يقدر العبد على العمل – صالحاً كان أو سيئاً – إلا إذا قدَّره الله تعالى له، وأعانه عليه. فإن كان المقدور خيراً: كان فضلاً منه I ، وإن كان شراً فإنما يكون ذلك عدلاً منه، فالشر على الحقيقة هو ما يصدر عن الإنسان المكلف مخالفاً لأمر الله تعالى؛ لأن أفعال الله تعالى كلها خير على الحقيقة، حتى وإن ظهر للعبد في بعضها شر، فإن الشر لا يُنسب إليه I، وإن كان يحصل بإرادته وتقديره.

وبناء على هذا الفهم فإن الموقف الحق تجاه هذا التصور هو الثقة بالله تعالى وبمقاديره للعبد المؤمن، والتوجه إليه، وطلب العون منه وحده دون سواه، مع صدق التوكل، كما قال الله تعالى: {…. فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [عمران:159]، وكما قال عليه الصلاة والسلام في نصيحته لابن عباس رضي الله عنهما : "… إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، قد جفَّ القلم بما هو كائن، فلو أن الخلق كلهم جميعاً أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه….".

ويستلزم هذا الاعتقاد تحذير الفتيات على الخصوص من حرمة التوجه إلى غير الله تعالى بطلب ما لا يقدر عليه إلا الله، خاصة إذا عُلم أن أكثر من يقع في مثل هذا السلوك الضال هن النساء، حيث يتوجهن بطلباتهن المختلفة إلى الموتى، والأولياء، ويقعن في صور شركية محرمة، وربما اعتقد بعضهن في الأحجبة الباطلة، وتعلّقن بها من دون الله تعالى، وكل هذا من مظاهر الانحراف العقدي، والطعن في مبدأ التسليم لقضاء الله وقدره، والثقة في صدق التوجه إليه.