5ـ استشعار الفتاة العناية الربانية بإنزال الكتب

اقتضت حكمة الباري I أن لا يترك الإنسان على هذه الأرض دون إرشاد أوهداية، خاصة إذا علم أن الإنسان بطبيعته يعجز عن إدراك المصالح الحقيقية وطرق الوصول إليها بنفسه، لهذا جعل الله I له هذه الشريعة – المتمثلة في الكتب – طريقاً للهداية والإرشاد؛ فمن أين يمكن للإنسان أن يجد الإجابة المقنعة عن أسئلة النفس الملحة لولا عناية الله بحاجاته من خلال الكتب، فغاية الوجود، والمصير الذي ينتهي إليه الإنسان، ومعرفة خالقه، كل هذه أسئلة تدور في خلد الإنسان، ولا بد من مصدر صحيح يجيب عنها بصورة مقنعة.

يقول الله I في بيان فضله بإنزال الكتب: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا} [النساء: 174] ويقول أيضاً: { قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [المائدة: 15- 16] .

إن استشعار هذه العناية الإلهية بإنزال الكتب يملأ نفس الفتاة طمأنينة وراحة وصدقاً في التوجه نحو الباري I بكمال المحبة والخضوع والشكر، خاصة إذا علمت أن الشريعة الخاتمة شريعة ثابتة، لا تتناهى معاني نصوصها، وهي كاملة لا تحتاج إلى من يكمل نقصاً فيها، كما قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 3]، ثم إن إنزال الكتب، وبعث الرسل بها إنما هو محض فضل من الله تعالى، ليس واجباً عليه، فإدراك هذه المعاني الجليلة يبعث الشعور بالعناية الربانية في نفس الفتاة المؤمنة.