رغم التبجُّج الذي يتعاطاه الغرب في المناداة بحقوق المرأة في الاستقلال الاقتصادي: فقد طفحت قوانينهم المدنية إلى ما قبل خمسين عاماً أو أقل بأبشع أنواع الانتهاك الاقتصادي لحقوق الإناث من جهة حقوقهن في: التملك، والتصرف، والتنمية؛ بحيث لا تعدو الواحدة منهن، وما يلحق بها من متاع ومال أن تكون ملكاً مشاعاً يتنقَّل بين الآباء والأزواج، وما زالت النساء الغربيات - منذ سنوات طويلة- يتنادين بحقوقهن، وينافحن عنها حتى حصلن مؤخراً على غالب حقوقهن القانونية، ومازالت آثار هذا الامتلاك المالي، والاختزال الذاتي يمارس ضد المرأة الغربية حتى اليوم؛ إذ هي حتى الآن "لا تكون زوجة إلا إذا تنازلت عن اسمها وعلامة وجودها، وتكللت باسم زوجها لكي تكون جزءاً من ممتلكاته المسجلة باسمه، والمتحركة تحت مظلته".
إن هذا التاريخ الاقتصادي المظلم لا يخوِّل الغرب ومنظماته الإنسانية تولي زمام تحرير المرأة المعاصرة في الوقت الذي تصل فيه ثروة المرأة المسلمة في ظل نظام الإسلام الاقتصادي إلى درجة الفحش، فلا يحق لأبيها أو زوجها أن يغترف منها ولو للصدقة إلا بطيب نفسها، وسلامة صدرها، بل ليس لزوجها إن طلقها أن ينفرد بمتاع البيت دونها حتى تأخذ منه حقها، فإذا اختلفا كان المتاع بينهما نصفين، مع ثبوت حريتها الكاملة في تنمية ثروتها، وإدارة أملاكها بما يصلحها، وأن تستخدم في ذلك الأجانب من الرجال - فضلاً عن المحارم- فيما لا يليق بالمرأة الشريفة القيام به من الأعمال والمهام الاقتصادية ضمن الضوابط الشرعية، ولا يجب عليها أن توكِّل زوجها في ذلك، إلا أنها تراعي حقَّه في عدم الخروج إلا بإذنه، حتى وإن كانت تخرج لضرورة غيرها، فحقه مقدم على ذلك، إلا أنها تجد في هذا العصر في أجهزة الاتصال الحديثة ما تستطيع من خلاله إدارة أملاكها، وتنمية ثروتها دون محظور شرعي.
إن فلسفة المنهج الرباني في مسألة التملك لا تنطلق من كونه حقاً شخصياً فحسب، بل تنطلق مما هو أعمق من ذلك، من حيث الفطرة الإنسانية التي جُبلت على حبِّ التملك والاستحواذ على الأشياء والأموال، فتحتاج بصورة دائمة إلى حدِّ من الإشباع الذي يبدأ بالكفاف، وينتهي إلى ما لا حدَّ له من درجات الثروة ومراتب الغنى.