إن رسالة المدرسة - كما هو المفروض - أكبر من مجرَّد تزويد المتعلم بالمعلومات؛ بل تشمل تنمية الشخصية بكاملها، منطلقة في ذلك من طبيعة نفسية المتعلم وقدراته وميوله، وطبيعة المجتمع الذي يُعدُّ له؛ بحيث تشمل تربية المتعلم من كل الجوانب؛ ليصبح إنساناً صالحاً نافعاً منتجاً في المجتمع، متحرراً من كل عوائق التفكير السليم، مزوداً بالمعارف الأساسية للانطلاقة العلمية، وقد استفادت المدرسة من كل إمكاناته ومواهبه العقلية، ووجهتها نحو الخير، وكوَّنت لديه العادات الصحية اللازمة، والمهارات اليدوية الضرورية التي تنمي الابتكار، وتستوعب الوقت وتستغله كأحسن ما يكون.
ورغم وضوح مسؤولية المدرسة التربوية فإن الواقع التعليمي المعاصر - رغم التوسع الهائل - يشهد بتدني مستوى المدرسة الحديثة، وإخفاقها الكبير في كل جوانب مهماتها التربوية المناطة بها، حتى جانب التربية العقلية الذي لا يمكن أن تُعذر فيه المدرسة إذا أخفقت فيه: فقد لحقه التخلف التربوي، حتى إن كثيراً من رجال التربية يتفقون على " أن هناك قصوراً في التعليم المدرسي، والبرامج التربوية يتمثل تدني القدرات التفكيرية لدى التلاميذ، مما يدفع الكثيرين إلى القول بأن تلاميذنا لا يستخدمون عقولهم "، وحتى التلميذ المبدع والمتفوق بطبعه: لا يلقى فيها الرعاية الكافية، ولا يجد فيها راحته واستقراره النفسي، ولعل ذلك يرجع إلى ظهور وسائل الإعلام كمنافس تربوي عنيد، وفقدان غالب مؤسسات المجتمع الأخرى دورها التربوي، فلم تستطع المدرسة وحدها مجابهة كل هذا التخلف التربوي والاجتماعي الكبير، فأخذت - كما أخذ غيرها من المؤسسات - تحيا بالصورة والرموز، دون الجوهر والمعاني. فأصبحت تشكل بذاتها عائقاً جديداً من عوائق تنمية مواهب الناشئة المسلمين.